آراء

هدنة من طرف واحد.!!

وسام عبدالقوي الدبعي

|
04:27 2022/04/23
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

ليس جديداً ولا مستغرباً أن تؤكد الصحافة الغربية على أن الحوثيين يزدهرون في الحرب وليس السلام، فكثيراً ما تم التنويه بذلك في كثير من الكتابات والتحليلات السياسية والاقتصادية، التي تتعامل معها الشرعية والتحالف بسياسة أذن من طين وأخرى من عجين، ولا تيأس من اعتبار العصابة الحوثية طرفاً، يمكن التعامل معه عبر الأطر والقنوات السياسية والتفاهمية..!

كثيراً وكثيراً جداً ما أكد كتاب ومحللون وخبراء على أن هذه الجماعة، التي اختطفت بالقوة مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية، لا يمكن أن تكون أكثر من عصابة متمردة خارجة عن القانون، مهما تظاهرت أو حاولت التظاهر بتحولها إلى حركة سياسية، يمكنها التعامل مع الواقع المعاصر، وإدارة دولة عبر المؤسسات والأطر الحديثة التي تقوم عليها الدول الحديثة.

كثيراً ما أكد العارفون على أن هذه الجماعة، لا يمكن بأي حال، أن تعترف بالقوانين والنظم التي تقوم عليها الدول، وأنها كمثيلتها طالبان في أفغانستان وغيرهما، لن تستطيع أن تتجاوز الهيئة المليشاوية التي تأسست عليها، كمخالفة ومعارضة ومتمردة على الأنظمة، وأنها، كعصابة، لا تعنيها بالضرورة الاتفاقات ما لم تكن في صالحها وتخدم سياساتها الانقلابية، ولا ضامن ولا ضاغط ملزم عليها، في أي اتفاق تكون طرفاً فيه.

وتحت طائلة الاتفاقات والتفاهمات تأتي الهدنة القائمة حالياً، والتي تبدو في ظاهرها كمبادرة من طرف ثالث هو الأمم المتحدة، بينما يتضح من بنودها وإجراءات تطبيقها، وكأنها نتاج حاجة وطلب من الطرف النظامي والشرعي والمتمثل في الشرعية، فما يتضح هو أن الدولة الشرعية فقط هي من تلتزم ببنود هذه الهدنة والالتزام بها، بينما يبدو الطرف الآخر والمتمثل في العصابة الحوثية، وكأنه غير مبال بها وغير منفذ لبنودها..!

والمستقرئ لحال هذه الهدنة يلاحظ أن طرف الشرعية، الذي من المفترض أن يكون المجتمع الدولي ومؤسساته ومنظماته، بما فيها الأمم المتحدة، أكثر ميلاً لصفه، هو فقط المعني ببنود الهدنة، وهو من توجه إليه الملاحظات رغم التزامه الذي يصل إلى 90% بمحتواها، بينما العصابة الحوثية والمنقلبة على الدولة والتي لم تكد حتى اللحظة تلتزم وإن ببند واحد من بنود هذه الهدنة، تُعامل وكأنها الطرف الأحق بالمساندة والدعم.!

بهذا الشكل المستغرب يتم التعامل مع طرفي الأزمة اليمنية، من قبل المجتمع الدولي. وهو ما يعكس بوضوح أن هذا المجتمع المحتال، لا يبحث حقيقة عن حلول حقيقية وناجعة لإنهاء الأزمة، وإنما يتضح من سلوكه، وكأنه يمعن بقصدية مؤكدة، في ثبات صيرورة الأزمة واستمرارها، إن لم يكن مفاقمتها وترجيح كفتها باتجاه المليشيا الانقلابية، ولعل كثيراً من التحولات والتغيرات التي حدثت منذ بدء الانقلاب في معظمها تصب لصالح ذلك الانقلاب، وإن بدت في الظاهر دعاوى ومزاعم الدعم للشرعية.!

وفي الأخير، وبما تمليه وتؤكده التحولات والتجارب على امتداد التاريخ، وما تخرج به الأزمات المماثلة من نتائج، فإن أية عصابة انقلابية في أي مكان في العالم لا يمكن أن ترضخ للاتفاقات والمشاورات والحلول الناتجة عنها، وأن التخلص من استئثارها بالسلطة والحكم الذي اختطفته بالقوة، لا يمكن أن يكون إلا بذات طريقتها، أي بالقوة والانتزاع، وهذا ما ينطبق واقعاً وتفاصيلاً مع ما يجري في اليمن.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية