كانت الولايات المتحدة الأميركية هي الطرف الوحيد الذي يمتلك قنابل ذرية في أربعينيات القرن العشرين، لذلك ضربت بها هيروشيما وناجازاكي، لكي تنهي الصراع بينها وبين اليابان عند منعطف الحرب العالمية الثانية، ومنذ ذلك الحين لم تستخدم أميركا هذا السلاح الفتاك، ليس تقوى منها، بل لأن دولا أخرى صارت تمتلكه.. نضرب بهذه الحقيقة التاريخية القريبة مثلا لجرأة الجماعة الحوثية الإرهابية التي هجمت على ميناء الضبة بطائرتين مسيرتين، ولو كان لدى الحكومة الشرعية سلاح جوي لما أقدمت الجماعة على فعلتها الشنيعة تلك.
إن هجوم ميليشيا الجماعة الإرهابية على ميناء الضبة لمنع تفريغ شحنة إلى سفينة يونانية، هدفه الحقيقي واضح للغاية.. عرقلة تصدير النفط لمصلحة الحكومة الشرعية، كي لا تستطيع الاستمرار في تمويل قطاع الخدمات ودفع مرتبات الموظفين.. أما قول الجماعة بأن الغرض من ذلك منع (نهب) الثروات السيادية اليمنية، فضرب من الدعاية الإعلامية ليس إلا.. فشحنة النفظ كانت معدة للتصدير لمصلحة الحكومة الشرعية، والسفينة تم استئجارها، وبالتالي فإن كلمة (نهب) لا معنى لها، أو لا تصلح مبررا لذلك الهجوم الإرهابي الدنيئ.. ثم متى كانت هذه الجماعة الإرهابية تهتم لحق الشعب في الاستفادة من مواردها السيادية، وهي منذ أواخر العام 2014 وحتى اليوم تجني مئات الملايين من الدولارات شهريا ضرائب ورسوما مالية- جمركية على السلع والمشتقات النفطية التي تدخل إلى مواني الحديدة، دون أن يفيد منها المواطنون، ولا موظفو الخدمة المدنية المحرومون من مرتباتهم الشهرية، حيث تنهب قيادات الجماعة تلك الأموال وتسخر جزءا منها لأنشطتها الإرهابية، والهجوم على ميناء الضبة يعد أحد هذه الأنشطة، وبدا كأن الجماعة من خلاله إنما أرادت التذكير أنها جماعة إرهابية.
لقد عارضت دول ومنظمة الأمم المتحدة قرار الادارة الأميركية الذي أصدره مايك بومبيو وزير الخارجية في عهد الرئيس السابق دونالد ترمب، يوم 11 يناير 2021 بـ(تصنيف الجماعة الحوثية منظمة إرهابية أجنبية وككيان إرهابي عالمي ابتداءً من 19 يناير).. كان ذلك خطأ كبيرا.. فالجماعة وضعت في ذلك التصنيف بوصفها جماعة قاتلة تدعمها إيران، نفذت هجومات عبر الحدود تهدد المدنيين والبنية التحتية والشحن التجاري، تزعزع استقرار المنطقة، تنفذ حملة وحشية أسفرت عن قتل آلاف المدنيين في اليمن، وتحرم اليمنيين من التوصل إلى حل سلمي للصراع في بلدهم.. هذه الدواعي نفسها ما تزال قائمة إلى هذه اللحظة، أما مبررات المعارضين فلم يكن لها أثر في سلوك الجماعة الإرهابية، فلا حوار ولا تعقل، ولا الكف عن شن الهجومات المميتة، ولا ولا ولا، بل ازدادت عتوا.