تتعاظم الاحتجاجات والصدامات بين المتظاهرين الإيرانيين من جهة وأجهزة الأمن الإيراني المدعومة من قوات الحرس الثوري من جهة أخرى منذ عدة أيام، حيث تؤكد الأحداث الجارية إن ما يحدث في المدن الايرانية المختلفة تاريخي، وينبئ عن ثورة ضد نظام خامنئي نتيجة للتناقضات وتضاربها التي يعاني منها الشعب الإيراني ومن أزمة اقتصادية خانقة نتيجة السياسات الخارجية التي تتبعها الحكومة الإيرانية وتدخل نظامها في البلدان العربية، كلّ هذا يكلّف الخزينة الإيرانية أموالا طائلة تُدفع لجهات خارجية على حساب لقمة عيش المواطن الإيراني وازدهار مجتمعه، خصوصاُ مليارات الدولارات التي دفعت لدعم نظام بشار الأسد في حربه على شعبه، ولتمويل “حزب الله” في لبنان، والعصابات الانقلابية الإرهابية الحوثية في اليمن , ومليشيات الحشد الشعبي في العراق، هنا يصبح مُمكنا فهم الدعوات التي تطلق هذه الأيام للتظاهر في كل المدن الإيرانية .
لقد توسعت إيران في الجسم العربي النحيف ووسعت من دائرة نفوذها خلال العقود الثلاثة الأخيرة لا سيما بعد تدخلها في النزاعات الإقليمية وأصبحت نواياها توسعية وسلطوية ومارست سياسة التخريب والنفوذ والتوسع وتمكنت من السيطرة شبه الكاملة على مقدرات بعض الدول العربية , وصرفت وتصرف مليارات الدولارات سنويا من اجل النفوذ والتوسع والسيطرة ومن اجل تطوير خلاياها المكتومة الصوت، ومن اجل نقل قواها التخريبية البشرية والأسلحة والمتفجرات إلى أي دولة عربية ممكن العمل فيها خاصة وان الموقف الإيراني المعلن لصالح القضية الفلسطينية هو خير غطاء لإيران للتحرك في الدول العربية التي حصلت على مؤيدين كثر في هذه الدول بعضهم من السنة في ظل سياستها المعلنة ضد أمريكا وإسرائيل وهذه اللعبة والكذبة الكبرى التي ساعدت وسمحت لكل هذه التدخلات والتوسعات .
يحفل تاريخ إيران الحديث ، بالانتهاكات السافرة في شؤون الدول العربية ، باعتبارها الراعية الأولى للإرهاب في المنطقة ، إذ تتسلل أيادي إيران الخفية لزعزعة استقرار المنطقة، بما يتناسب مع مصالحها وأطماعها الإقليمية، ومن بين كافة الجماعات الإرهابية التي رعتها طهران خلال السنوات الـ28 الماضية ، لا يوجد من هو أهم من حزب الله اللبناني، الذي يحتفظ نشطاؤه بعلاقات وثيقة مع مسئولي الاستخبارات الإيرانية.
لقد وجدت إيران فرصتها السانحة للتدخل في شئون الدول العربية بحثا عن مناطق نفوذ وسيطرة بعد ثورات الربيع العربي، ودعمت جماعة الحوثي الإرهابية المتمردة حيث بذلت طهران جهودا كبيرة لنشر التشيع في اليمن، وزودت المليشيات الحوثية بالسلاح والمال وحرضتها على الانقلاب على النظام والشرعية اليمنية .
لقد أشعلت إيران الحروب الخاسرة الرخيصة في بعض الدول العربية وصنعت دوائر النار في كل فجوة وفي أكثر من بؤرة ومارست أساليب سفك الدماء ودبرت المؤامرات والاغتيالات فها هي اليوم تكتوي بنار ما زرعته وتجني ثماره لان الذي يتورّط في مناصرة طرف على آخر، والذي يتدخّل في شؤون دول أخرى، عليه أن يتحمّل مسؤولية أفعاله , فمن يزرع الريح يحصد العاصفة.
والله من وراء القصد .