الحقيقة أن لكل مواطن يمني الحق في الابتعاث. وهو حق أصيل طالما جاء وفق القانون ومعايير الابتعاث. وما جعل الشارع ينتفض بصوت واحد هو ما وجده من مفارقات لا يسمح بها الشرع ولا القانون ولا الأعراف اليمنية أو الأخلاقية؛ وهو أن أبناء كبار المسؤولين ممن نهبوا البلاد وتركوها تخرب أو من عملوا على خرابها، من مخلفات فبراير 2011 المشؤوم.
هاجروا إلى كثير من دول العالم، ومنها كندا، لأن لديهم القدرة كونهم ميسورين وأصبحوا رجال أعمال وهربوا الأموال المنهوبة وعملوا على غسيلها في الأردن. وعبر جوازاتهم الدبلوماسية حطوا في كل أصقاع الأرض، ولم يهاجروا كأمثال أبناء الشعب المغلوب والمطحونين الذين مات بعضهم تجمدا من الثلج في غابات أوروبا أو ضياعا وتجمدا من البرد، والبعض الآخر ماتوا في أعماق البحر وفوق الوسائل البدائية.
ومن هذا وذاك لم يترك هؤلاء المبتعثون بالجوازات الدبلوماسية فرصة لأبناء الشعب الغلبان في أن يأخذوا حقهم من المنح الدراسية أو المواطنة المتساوية وفق القانون ولوائح الابتعاث.
هؤلاء أصبحوا وفق القانون أجانب، لأنهم حملوا جوازات وجنسيات دول أجنبية ويتمتعون بامتيازات كبيرة في بلدانهم الجديدة، حيث تمنحهم تلك الدول الأجنبية، وعلى رأسها كندا، رواتب وبدل لجوء وبدل تأمين صحي، ويعملون هناك رجال أعمال ويأخذون حقوق أبناء البلد الذي تكرم عليهم بجنسيته، وحقوق أبناء موطنهم الأصل.
الحقيقة أن المعالجات جاءت مخيبة لآمال الكثير، والسبب أن بعض أعضاء مجلس القيادة ورئيس وأعضاء الحكومة متورطون في فضيحة فساد وزارة التعليم العالي ووزارة الخارجية، من خلال استخراج التوجيهات الاستثنائية قبل توليهم السلطة. فهل يحاسبون أنفسهم؟ مستحيل.
المشكلة الآن أنهم سيصفرن العداد ونعود للبداية من جديد وفساد جديد لأصحاب انقلاب فبراير 2011. هذا ملف واحد فقط من ملفات الفساد. وحسب المعلومات المؤكدة فإن أبطال الديجيتال في تركيا، من أمثال توكل كرمان وحميد الأحمر، ضالعون في فساد الابتعاث والتعيينات في وزارة الخارجية واستخراج الجوازات الدبلوماسية وهم خارج السلطة، فكيف يمكن محاسبتهم؟!