حرصت على أن أتأخر في الكتابة حتى ينتهي العام ويبدأ عام جديد، ليكون التقييم من وجهة نظري الشخصية أشمل واكثر واقعية، كي تتطابق التطلعات بالواقع الفعلي قدر المستطاع.
ولطالما أتساءل هل ستتغير الظروف والأوضاع عن العام المنصرم أم أنها تزداد تطابقاً! وحرصت على متابعة تغريدات القادة السياسين والناشطين الحقوقيين والإعلاميين في قضايا الصراع والسلام، مع أني أرى أن البعض من هؤلاء مجرد موظفي سفارات ، أشخاص مغرقون في أمانيهم دون قناعات، حد يدعو إلى الغثيان وهناك منهم ترفع لهم القبعات ممن جعلوا الوطن والشعب هو هدفهم و غايتهم .
والبعض الآخر أفرط ببيع أوهام السلام لحد التودد لعصابة الحوثي الإرهابية، مع إدراكهم ومعرفتهم هم، قبل أن يعرف العربي أو الأجنبي، بأن مشروع إيران وعصابة الحوثي الإرهابية هو مشروع الحرب حتى يوم القيامة، نحو التوسع الفارسي، والاتجاه لابتلاع مكة والمدينة، وفق منطلقات طائفية وعقائدية (فارسية).
وفي جانب آخر، يسعى بعض السياسيين والناشطين لتلميع المشروع الشرعي الحالي؛ وهو بأن الحل الأخير و المخرج الوحيد لليمنيين هو مجلس القيادة الرئاسي، أو القبول بمشروع عصابة الحوثي الإرهابية.
وهذا نفاق سياسي غير مقبول، فخيارات اليمنيين مازالت مفتوحة، ويمكن الاستفادة من تجربة مجلس القيادة الرئاسي الذي أوشك على إتمام عامه الأول ولم يحقق للشعب اليمني أدنى الأهداف المرجوة من تأسيسه، بل ضاعف من الانقسام، وأعطى مزيدا من فرص التمدد لذراع إيران في بلادنا، بل وأصبح عبئا وخسارة على التحالف العربي.
إن تجار وأثرياء الحرب يستحيل أن يكونوا داعمين للسلام أو لإيقافها، بل سيكون في البحث عن المحاصصات الاقتصادية والسياسية والأمنية.
وفي الجانب الآخر يستحيل أن يوقف الحوثيون حربهم على اليمن واليمنيين لسببين؛ الأول أنها تحقق لهم التسلط على رقاب اليمنيين والتسيد عليهم، وفي نفس الوقت يزدادون ثراء وتربحا من هذه الحرب وتحقق لهم الانتقام من الشعب اليمني لإسقاط مشروع الملكية في ١٩٦٢ وأيضاً للحروب الست، إضافة إلى الهدف الرئيس والاستراتيجي الذي من أجله أقيم المشروع الحوثي في اليمن، والمتمثل في إلحاق اليمن بإيران وسلخها من جسدها العربي نحو الحلم الفارسي في ابتلاع الشقيقة السعودية قبلة الإسلام والمسلمين.
لذا، ومن وجهة نظري، فإنه لا يوجد أمام الأشقاء، تطابقاً مع لغة العقل والمنطق والمصالح، سوى تغيير الواقع السياسي القائم للشرعية، أو الاستسلام تحت زعم تحقيق السلام والمصالحة في اليمن، ليتمكن الحوثيون من ترتيب استراتيجيتهم لتصبح مخططا جاهزا لمهاجمة السعودية وتعريض الملاحة الدولية للإرهاب الفارسي. فالتجربة منذ العام 2003 وحتى اللحظة أثبتت بأن عشرات الاتفاقيات والمعاهدات والضمانات التي وقعها الحوثيون فشلت مع أول فرصة يجدونها للتنصل والنكوص عن هذه الالتزامات والعهود.
واليوم، نرى المواطن اليمني يتابع سلسلة الوفود ذهاباً وعودة ولا يسمعون إلا الوعود والتصريحات من كل الاتجاهات بقرب التوصل إلى تسوية نحو إطلاق عملية السلام الشامل في اليمن. ولىن الشعب "يسمع جعجعة ولا يرى طحيناً" فإنه يقابل كل هذا بالسخرية، لأنه يتعايش مع الواقع ويدرك ما تريد عصابة الحوثي الإرهابية ويدرك بأن المنادين بالسلام في المنطقة مع هذه العصابة الحوثية الإرهابية دون كسرها عسكرياً كمن يبحث عن إبرة في المحيط ولن يلتقطها.
ولذا، فمن الطبيعي أن نجد العصابة الحوثية لا تتعاطى بإيجابية، وتسعى لتفجير الأوضاع في أكثر من جبهة تهرباً من استحقاقات السلام وإفشالا للجهود الدولية والأممية لتجديد الهدنة، دون الأخذ في الاعتبار مصالح الشعب اليمني وحاجته للاستقرار ووضع حد للحرب المدمرة التي أشعلتها وتخوضها ضد الشعب اليمني والمنطقة منذ ثماني سنوات.