منذ الانقلاب الحوثي المدمر فقدت صنعاء حلتها البهية وغابت المظاهر المتحضرة عن شوارعها، وعادت لأسوأ عصورها الرجعية، بسبب إدارة متخلفة تتعامل بعقلية ما قبل الدولة ومنطق قطاع الطرق، وتمنح البلطجة وصميل النهب صفة رسمية، لتثبت انها لا تصلح حتى لإدارة زريبة، وإن تلبست بزي دولة!
صنعاء الحضارة والمدنية فقدت اليوم صورتها المتحضرة؛ وأينما يممتَ وجهك تصادفك المظاهر المتخلفة، لتؤكد لإدارتها الحوثية أن الذي نفسه بغير جمالٍ.. لا يرى في الوجود شيئا جميلا!
فالتشوهات والصور المتخلفة لا تقتصر على منظر جدرانٍ شوهتها بشعاراتها البدائية، او صور مسلحين في الشوارع والأسواق يزاحمون الناس ببنادقهم دون رادع، او طقومات تجوب الطرقات بعجرفة لا تعترف بقواعد السير او الوقوف مطلقا، بل ايضا لا تخلو صنعاء من مظهر مقزز لبلاطجة شوارع يحملون عصا مغلظة او ما يُغرف بالصميل، مهمتهم فقط التقطع للسائقين والجباية منهم في وضح النهار، يتواجدون في محطات الباصات المعروفة بالفِرَز، او في مواقف مجانية حولتها المليشيا الى مواقف مؤجرة.. وبسبب شكاوى الناس من همجيتهم تم إلباسهم زياً رسميا بقدرة قادر لإخفاء قبحهم..
مصادر في صنعاء كشفت لليمن اليوم ان جُباة المواقف كانوا بلاطجة شوارع يعملون بشكل شخصي أو تابعين لمتعهدين، ويتقطعون للباصات بلباسهم التقليدي وهم يتوقعون القبض عليهم بأية لحظة؛ لعلمهم ان عملهم خارج نطاق القانون، أما اليوم صاروا بلاطجة بزي رسمي ينهبون باسم الدولة!!
السببُ في ذلك ان هيئة النقل البري الخاضعة لسطوة المليشيا أقرت في اجتماع لها توظيف بلاطجة الفِرَز والمواقف ليقوموا بجباية الأموال من الباصات والمركبات في الشوارع وبين المدن بشكل رسمي، وألبستهم زياً خاصاً يحمل شعار الهيئة لإكساب مظهرهم صفة رسمية.. ولذر الرماد على العيون أعلنت أنها لن تسمح بنهب السائقين، لكنهم تجاهلوا التوجيهات ومازالوا على عادة الجباية!
وللتأكيد على هذه البلطجة استدلت المصادر بنموذجين في منطقة الحصبة.. الأول لشخصين يتنقلان مابين وزارة التموين وتحت جسر جولة سبأ؛ كانا يتقطعان سابقا لأصحاب الباصات ويأخذان جبايات منهم بقوة الصميل، ومازالا متواجدين بنفس المكان، احدهما اصبح بزي الهيئة، والأخر بلباسه الشعبي، لكن عملهما لم يتغير في الجباية والتقطع للباصات.. واخرون مثلهم في جولة الساعة امام حديقة الثورة، كانوا بلاطجة شوارع، ورغم تحولهم الى الزي الرسمي مازالوا ينهبون لقمة السائقين.. والنهب نفسه يمارسه جميع بلاطجة المواقف؛ وبالزي الرسمي.
ويتساءل المواطنون ان كانت هذه الجباية قانونية هل عجزت المليشيا عن ابتكار طريقة لتحصيلها غير هذه الطريقة المتخلفة في عصر التطورات والادارة الحديثة؟ وهل ثمة حكمة وراء تحويل بلاطجة شوارع إلى بلاطجة بزي رسمي؟ وهل مظهرهم وهم ينتشرون بصميلهم يليق بعاصمة؟ ام انه يندرج ضمن الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة التي تزايد بها المليشيا ليل نهار؟ ويطالبونها بدلاً عن رؤيتها الهزلية بإيجاد رؤية أولاً لإزالة البلاطجة من الشوارع والطرقات، بدءاً بخلع الزي الذي منحهم صفة رسمية لنهب الناس، ومعاقبة المسئولين الذين شرعنوا عملهم!