سريعا، دارت السنة دورتها، وعاد إلينا رمضان ونحن ما زلنا كما تركنا بل وأسوأ.
ما زلنا مثقلين بأغلظ المآسي؛ نتدثر بالعراء ونأوي للنزوح ونرشف كاسات الظمأ في وطننا الذبيح.
دارت السنة بكل أحداثها ومرارها، وبين عودة رمصان ودوران العام، كنا نتأرجح بينهما؛ فكلما دخلنا في أزمة، غُصنا بأخرى أشد منها وأدهى.
الجميع سواء تجارا أو مسؤولين أو سياسيين يتعاملون مع رمضان كمزاد يكسرون به ظهر الكادحين؛ تشتعل الأسعار كجهنم ويعجز الناس عن الإيفاء ولو بجزء بسيط من متطلباتهم بما يحفظ ماء وجههم من الشحاتة أو الموت جوعا.
الجوع لم يجربه مسؤولونا وحكامنا وتجارنا ولصوصنا، بل يمضون حياتهم ورمضانهم في رغد من العيش والفخامة والرفاهية، وما يرمون به في قماماتهم يوميًا، يكفي لإطعام مدينة بؤساء.
لا يعرفون وخز الجوع على أمعاء خاوية، لم يعيشوا حرقة قلب أب عاجز عن شراء قمح ورز، بيته خاوٍ على عروشه من كسرة رغيف، لم يقاسوا العطش والبرد والمرض.. لا يعرفون بكاء شعب قصمت الأزمات روحه.
يستقبل السياسي والذي يتربع على السلطة رمضان والناس في معاناة شديدة وشظف عيش، يئنون من الحرمان والغلاء المستعر والجوع وأغلبهم ينبشون براميل القمامة بحثا عن كسرة خبز.
فكيف سيمضي رمضان وحالة اليمنيين (ومعيشتهم) مزرية هكذا؟ والغلاء يأكلهم كجهنم ووضعهم الاقتصادي والاجتماعي في الحضيض، بلا راتب، بلا سكن، مشردون خارج منازلهم ونازحون في العراء؟
كيف يأتي رمضان والمسؤول بلا ضمير ديني، رغم صيامه وصلاته وقيامه ومسبحته وسجادته؟
وهل سيتقبل الله منهم صيامهم وصلاتهم وهم ظالمون لشعبهم غير مبالين ولا مكترثين بكل مآسي اليمنيين؟
كيف سينام الحاكم، والتاجر المستغل وكل الذين في السلطة في رمضان، هانئ النوم والشعب لا ينام، معلقة أمعاؤه بحبل المعيشة الضنكى التي فتت عظامه؟
فرق شااااسع بين رمضاننا ككادحين، وبين رمضانهم كمتخمين.
لكم رمضانكم ولنا رمضاننا.