يجب التأكيد، بدايةً، على بديهية أن المشهد الإعلامي عادةً مرآة للمشهد السياسي، إيجابا أو سلبا، تنافرا أو انسجاما، تشظيا أو تكاملا، و"قد" يعني هذا أن الإعلام مجرد حالة تابعة للسياسة، وصدى لها، وهذا صحيح إلى حد بعيد، في اليمن على الأقل، حيث العلاقة بين السياسة والإعلام ما تزال محكومة بأولوية السياسة، والمشهد الإعلامي ما يزال في معظمه تابعا للسياسة.
وبقدر ما ساهم الإعلام الرقمي الحديث في العصف بأنظمة عربية عريقة، لم يستطع إيجاد صيغة شعبية وطنية توافقية جديدة لأنظمة بديلة، فتدمرت دول وتشردت شعوب، وما تزال هذه التداعيات الكارثية على أشدها في اليمن ، بل إن هذه التداعيات في اليمن متمثلة بالتمزق والتشرذم والتناحر..
يعني هذا في ما يعنيه، أن مسئولية هذه الحالة التشرذمية تقع على عاتق طرفين، متكاملين: السياسة والإعلام. فهي، من جهة، انعكاس عفوي لحالة سياسية مرضية عويصة ومستفحلة في العلاقات بين القوى والمكونات السياسية، ومرآة للانقسام الوطني، وتشظي وتناحر القوى الجمهورية. وهي، من جهة أخرى، نتاج للتناحر الإعلامي، الذي دأب، وما يزال، على تكريسها بين الفرقاء والأطراف السياسية، وبين الفئات والشرائح ذات العلاقة.
وبالتالي فإن حل هذه الإشكالية منوط بإصلاح عميق شامل على الجانبين، خاصة الجانب السياسي، ومن حقنا في الأخير أن نتساءل: كم تحتاج قيادات وكوادر هذه القوى الوطنية اليوم للتعالي عن الأحقاد والحسابات الصغيرة، ليكونوا بحجم اللحظة المصيرية الراهنة، والعمل معا ككيان وطني واحد، برؤى أكثر استبصارا للذات والآخر، وممارسات أكثر تعبيرا عن مصالح الوطن والشعب، وحرية اليمن وسيادته واستقلاله؟!