ندعي الحفاظ على الوحدة..
ونحن نتطاير أشلاء ومزقاً في الفراغ..!!
أي حماقة أكثر من هذا..؟!
في هذه الأوضاع التي نعيشها اليوم، وتحت هذه الآفاق المعتمة، ومع هذا المستوى البائس من التعاطي من قبل كل الأطراف الداخلية والخارجية مع حال اليمن.. لا يُخشى الانفصال وحسب.. وإنما يُنتظر أيضاً تجزؤ الجنوب وتجزؤ الشمال، وتحول الوطن عموماً إلى دويلات وكنتونات صغيرة تنشغل بالتقاتل فيما بينها لزمن غير قصير..
وكالعادة سيظل المجتمع الدولي مراقباً سلبياً، وأقصى أقصى ما سيجود به إن جاد؛ إصدار بيانات جاهزة تعبر عن الشعور بالقلق، وتدعو لجمع تبرعات دولية لتفعيل ومضاعفة جهود المنظمات المعنية بالإغاثة والصحة و... و... وغير ذلك مما يوفر وينعش الفرص لـ (طلبة الله) من انعدام أمننا وجوعنا وتشردنا ودمار وطننا أيضاً..
دعوا ولندع جميعاً معزوفات المزايدة النشاز التي نزعج بها أنفسنا قبل أن نزعج الواقع من حولنا، ولنكن أكثر واقعية ومصداقية، ولنعترف بأن الواقع الذي نعيشه اليوم، واقع زئبقي هش ومنفلت، لا سيطرة لأحد منا عليه، وأن الوطن اليوم أضعف من أن يحافظ على أي من مكتسباته، أياً كان حجمها وثمنها ومكانتها.. بل حتى أن يحافظ على هيأته الأزلية التي وجد فيها..!! كل ما على المسرح وتحت خشبته ووراء ستائره يدل على أننا ما نزال نتهاوى إلى الجحيم منعدمي الحيلة في تغيير شيء مهما كان تافهاً، فما بالنا بحماية وطننا وتغيير مصيره والمحافظة على أي من مكتسباته..؟!
لقد تبين أنا مجرد شعب من الحمقى المسرفين، والمنتقمين من أنفسهم بلا شبهة أو سبب، لا قدرة لنا على شيء أكثر وأهم من الانضمام الطوعي والقهري معاً إلى كورالات جامدة، تردد مزايدات السياسيين، وأحياناً تسترق فرصها الضئيلة لتكون عازفة ماهرةً، ولكن لعزف موالات الأسى والقهر والأسف على ما مضى..
بهذه الإمكانات البائسة جداً، ندعي بأننا قادرون على الحفاظ على مكاسب الوطن، وفي مقدمتها وحدة الأرض والإنسان، التي نرى رؤيا العين والواقع، أنها تتشقق وتتطاير لبناتها أمام أعيننا، وننتظر انهيارها كما انهار من قبلها سد مارب والجنتان والدولة والنظام والإنسان والقيم النبيلة والراقية، التي ظللنا قروناً نزايد على العالم بها كما نفعل اليوم، لنكتشف تالياً أنها كانت سراباً متخيلاً في سيرة روائية لوطن لا نستحقه ولا يستحق أبداً عقوبة أن يكون لنا..!!