المدقق والمتابع لواقع الصراع بين الشرعية والتحالف من جانب ومليشيا الحوثي الانقلابية من جانب آخر، منذ البدايات قبل ثمان سنوات، يلاحظ أن بيئة هذا الصراع لا تنفك تخدم العصابة الإرهابية، التي بدأت بتهديد المصالح والأراضي السعودية ثم الأماراتية، وهاهي في الفترة الأخيرة تناور وتهدد المصالح الوطنية اليمنية، وصولاً وبكل بجاحة إلى المطالبة بنصيبها من عائدات النفط وكل موارد البلاد، وآخر ذلك تهديداتها المتوالية بقصف آبار ومنشآت النفط والغاز في كل بقعة على أرض اليمن إن لم يتم التجاوب معها..!!
والسؤال الذي يلقي بجسده على نعش الواقع هو: هل كل ذلك التصعيد المتدرج منذ الانقلاب وحتى اليوم ناتج عن تراجع في قوات وقدرات التحالف والشرعية، أم عن تزايد وتطور في قوات الحوثيين وتمكنها من حيثيات وأسباب المواجهة مع خصومها..؟! والإجابة في طبيعة الحال يجب أن تكون أنه لا هذا كائن ولا ذاك ممكن، بالنظر إلى خارطة الواقع الاستراتيجي عسكرياً وسياسياً وإمكانيات الطرفين.. فما الذي حول الحوثيين من عصابة ضعيفة وصل خصومها ذات يوم إلى محاصرتها في عقر دارها وعلى أبواب العاصمة صنعاء إلى ما وصلت إليه اليوم من مكانة وتمكن وتبجح..؟!
والجواب أو التفسير لا يكاد يخفى عن اليمنيين في الداخل والخارج ولا يحتاج لخبرات وخبراء سياسيين وعسكريين، لأنه واضح ومنبلج كالشمس في منتصف النهار.. فلم يراهن الحوثيون على شيء ومن فترة لأخرى طوال الثمان السنوات، كان يصيبهم اليأس والضعف، إلا أن مسحات التهاون والتساهل التي كانت تعتور أداء خصومهم، كانت تأتي بمثابة حبل الإنقاذ الذي يجرهم من زوابع الغرق والاختناق والفناء..!!
والحقيقة التي لا يمكن الفرار من مواجهتها أن معظم اليمنيين لم يعودوا يسبعدون فكرة التخادم بين الطرفين..!! والأكثر مرارة، أن توالي الأحداث بذات النسق بات يضعف موقف الشرعية والتحالف لدى اليمنيين، وهذا لا ولن يعني شيئاً أصدق وأمرَّ من تراجع موقف ومكانة الشرعية والتحالف لديهم، ولن يستبعد أن يكون سبباً خطيراً في ارتفاع مستوى القبول لديهم بالعصابة الانقلابية كأمر واقع لا مناص ولا مهرب منه..!!