ما بين معركة استعادة الدولة التي تدور رحاها منذ ما يزيد على ثماني سنوات وبين ما يرافقها من مباحثات وهدن أممية ودعوات لإحلال السلام، حولت ميليشيا االحوثي مزاعمها في مواجهة العدوان الخارجي إلى مبررٍ للحروب الداخلية التي تشنها ضد اليمنيين وغطاءً لمعاركها التي تستهدف هوية اليمن الثقافية وكيانها السياسي.
منذ اليوم الأول لدخول ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران مؤسسات الدولة بعد اقتحامها للعاصمة بقوة السلاح تحولت تلك المؤسسات، إلى ميدان لمعركة بدأتها جماعة الموت هذه بعمليات نهب شامل وتنتهي اليوم بتدمير وتعطيل عمل المؤسسات واستبدالها بمؤسسات وهيئات وأجهزة غير قانونية يتمحور عملها على خدمة أهداف الجماعة وبسط نفوذها وتحقيق مصالحها في مختلف المجالات.
وابتداء بتدمير المؤسستين العسكرية والأمنية والاستلاء على أسلحتهما ومعداتهما وملشنتهما، والاستيلاء على السلطة التنفيذية وحوثنة الوظيفة العامة، مرورا بتطويع السلطتين القضائية والتشريعية ومصادرة قراراتهما وتكريسها لخدمة أهداف الميليشيا، وانتهاءً بإنشاء هيئات ومؤسسات وصناديق مستحدثة، تتجلى أهداف ومخططات جماعة الحوثي ومساعيها لتدمير الدولة وبناء أوهام الكهنوت.
وعلى غرار هيئة الزكاة المستحدثة، أنشأت ميليشيا الحوثي هيئة خاصة للأوقاف مبنية على أساس سلالي ولا يخضع عملها أو موازناتها لأي إشراف أو رقابة حكومية ولا تدخل إيراداتها وعائداتها في موازنات الدولة ما يشير إلى أن الهدف من استحداث هذه الهيئة هو تعطيل عمل وزارة الأوقاف واستخدامها كغطاء قانوني لشرعنة وتسهيل عمليات الاستيلاء على الأراضي والوقفيات وشرعنة جرائم النهب التي تنفذها بشكل يومي في مناطق سيطرتها..
هيئة الزكاة التي أوكلت مهمة رئاستها للسلالي عبدالمجيد الحوثي سرعان ما بدأت بترجمة أهداف الجماعة في الاستيلاء على أراضي وعقارات الأوقاف مدعية أن 70% من أراضي العاصمة صنعاء تابعة للأوقاف، وأنها تمتلك الوثائق التي تمنحها الحق في استعادة تلك الأراضي والاستيلاء عليها.
وفي تصريحات له نشرتها وكالة سبأ التي تسيطر عليها الميليشيا في صنعاء اتهم السلالي عبدالمجيد الحوثي الدولة والشعب اليمني بنهب الأوقاف والتعامل مع الوقف وفق ثقافة مغلوطة منذ عشرات السنين، زاعما أن الوقف مال ومصرف خاص وليس مالا عاما ولا يعتبر من أموال الدولة، مشيرا إلى أن أموال وإيرادات الوقف سيتم توريدها إلى حسابات خاصة ولن تدخل في العملية المالية للدولة وسيتم صرفها من قبل الهيئة.
ومنذ إنشاء هذه الهيئة المزعومة تمارس ميليشيا الحوثي مخططاً واسعاً لتجريف أراضي الوقف ومصادرة العقارات في صنعاء وباقي مناطق سيطرتها، عبر عمليات نهب منظمة تقوم بها قيادات حوثية.. وتحت هذه المزاعم صادرت المليشيا حيا سكنيا في منطقة عصر غربي صنعاء، وتخطط لإزالة أكثر من 500 متجر قديم من مدينة صنعاء القديمة.
كما بسطت قيادات حوثية بالقوة على مساحات واسعة وعقارات تابعة لوزارة الأوقاف ومؤسسات حكومية أخرى، بالإضافة إلى نهب واغتصاب أراضٍ وعقارات خاصة بالمواطنين والاستيلاء عليها بقوة السلاح وتحت مبررات واهية ومخطوطات عفى عليها الزمن وتعود إلى نحو 7 قرون.