العيد.. مشهدان للفقر والموت

فقد العيد روعته ومن الوجوه اختفت الابتسامات التي كانت في أمس العيد اليمني تمثل مرآة تعكس ما يحيط بها من ابتهاج.
 فقد العيد روعته وفقد الناس عيدهم ولم يعد اليوم غير البؤس والاحساس بالفقد وضياع الوقت وسرقة جمال اللحظات، وعلى الوجوه يتجلى أسى الآباء ومقتهم ولعناتهم الصامتة على من سرقوا ونهبوا حقوقهم وصادروا كل فرصة تمكنهم من  تفسير أحلام أطفالهم ومنحهم لحظة سعادة في يوم العيد الذي حولته جماعة الحوثي إلى مأساة تتجلى في مشهدين.

مشهد 1
في ظاهرة غير مسبوقة وقبل خروج المصلين لأداء صلاة العيد خرجت النساء للاصطفاف مع أطفالهن على أبواب المساجد بحثا عن الصدقات، لكن أملهن في تعاطف المصلين والحصول على الفتات مما سرق منهن تلاشى عندما فوجئن بعناصر ميليشيا الحوثي ولجانه الأمنية تطردهن من الأبواب والأرصفة القريبة منها وتجبرهن على الانتقال إلى أماكن بعيدة وإخلاء المكان لوقوف سيارات اللصوص الفارهة.
اسلوب تعامل عناصر المليشيا المهين أثار سخط المتواجدين ودفع أحد المواطنين للسؤال عن سبب منع النساء والفقراء من الجلوس عند الأبواب واجبارهم على الانتقال والجلوس في أماكن بعيدة، فيفاجأ بإجابة أقبح مما يفعلون: "لدوافع أمنية وجلوسهم في الأبواب يشكل الزحام ويسيء للمنظر العام و.....".
لا عيد ولا مكان للفقراء في زمن من سيطروا على إيرادات الدولة ونهبوا مرتبات الموظفين وجوعوا المواطنين وصنعوا مآسيهم وجعلوهم يعيشون في أدنى مستويات الفقر وأجبروا حرائر اليمن على الخروج للتسول.

مشهد 2
تنتهي شعائر صلاة العيد وتبدأ شعائر الحوثي الأهم والمتمثلة في زيارة مقابر قتلى المليشيا، وهناك تتجسد الكثير من الصور التي تدمي القلب، ففي الوقت الذي يتباهى الحوثيين بالزيارة وينظرون إلى صور الموتى المصلوبة على الأضرحة كإنجاز لمسيرة الموت، تجلس الأمهات البواكي أمام أضرحة أبنائهن والزوجات أمام أضرحة أزواجهن، وحولها يدور الأطفال وكأنهم يبحثون عن آبائهم لكنهم لا يجدون غير صورٍ بالية هي كل ما أبقاه لهم الحوثي من آبائهم.
لا عيد ولا مكان يذهب إليه الأطفال غير المقابر ولا متنفس للنساء إلا المقابر.. وفي معرض الموت الكبير تتوقف وتتجمد الحياة ولا شيء يبقى سوى أنين الأمهات وحنين الزوجات وذهول العرائس اللواتي فقدن أزواجهن وترملن مبكرا، يكسر صمت المكان.