"التاريخ لا يكتبه المنتصرون" عبارة سمعناها كثيراً وفي كل مرة نسمعها نقابلها بالاستغراب المذيل بالسؤال: "إذا من المعني بكتابة التاريخ"؟ ورغم أن السؤال واحد إلا إن الاجابة عليه تأتي متعددة وغير محايدة وتعبر عن قناعات شخصية محكومة بالانتماء السياسي، وما بين وجهات نظر المنتصر والمهزوم والمتطرف والنشاز تضيع الحقيقة ويظل السؤال بلا إجابة.
اليوم ونحن نعيش واقعا مريرا مثخناً بالهزائم ومآسي الفشل السياسي نجد أنفسنا أمام قائمة مليئة بالأدعياء والمنتصرين المعتوهين الذين يتوهمون أن تدمير الوطن والدولة وتجويع الشعب انتصار وأن تبعيتهم السياسية وسقوطهم الأخلاقي انتصار وانجاز غير مسبوق، تتجلى الحقيقة وفي تناقضات المشهد نجد الإجابة على السؤال وندرك أن التاريخ الحقيقي هو الانصاف الذي تفرضه الأيام كاستحقاق وحكم نهائي لا يمكن استئنافه أو الطعن فيه.
الزعيم علي عبدالله صالح الذي حكم 33 عاما وانتقلت اليمن في عهده من عصور الظلام والكبت إلى عصر النور والحرية والديمقراطية لم يتجه أو يدعو محبيه ومؤيديه لكتابة تاريخ يليق بما شهدته اليمن في عهده ويتغنى بإنجازاته ويسكت به الأصوات التي طالما سعت للنيل منه والافتراء عليه، لكن قلم الانصاف لم يخذل الزعيم صالح وها هي الأيام تدون وتروي تاريخاً مجيداً مليئا بالإنجاز والإعجاز، ولو أن مؤيدي صالح ومحبيه اتجهوا لكتابة ما يليق بعهده أثناء حكمه لما أنصفوه كما ينصفه التاريخ اليوم.
الزعيم علي عبدالله صالح ليس أحد أقربائنا لنتذكره ونتباكى عليه ونفرضه على الشعب كما يفعل السلاليون اليوم، الزعيم صالح مواطن تجسدت فيه إرادة اليمنيين وتجاوز بهم خلال 33 سنة أزمنة الجهل والفقر والتخلف التي عكف أسلاف أدعياء اليوم على ترسيخها طوال أكثر من ألف عام.. الزعيم صالح صنع تاريخاً يروي للأجيال قصة اليماني الذي شهدت البلاد في عهده تشييد (15762) مدرسة وجامعة ومنشأة تعليمية، وتم في عهده ربط مختلف المدن الرئيسية والعديد من المناطق الريفية بشبكة طرق حديثة بلغ إجمالي أطوالها ( 34.448 كيلومتر) وتم في عهده بناء (4812) مستشفى ومنشأة صحية ودخلت اليمن في عهده عصر النفط والكهرباء والديمقراطية والتعددية السياسية والوحدة.
ها هو التاريخ يتحدث اليوم بإنصاف عن قائد أكبر الألوية العسكرية الذي جاء إلى بيت الشعب منفردا ليقود سفينة الوطن وانقاذها واخراجها من محيطات الدم والفوضى، جاء طالبا ثقة الشعب الذي ينتمي إليه ويستمد منه الشرعية، رافضا الوصول إلى السلطة بإرادة خارجية أو بدعم من فئة أو جماعة، واختار الديمقراطية نهجا ووسيلة للوصول إلى كرسي السلطة وهو الخيار والنهج الذي التزم بتنفيذه طيلة فترة حكمه وأصر على تجسيده عند مغادرته السلطة.
وهكذا سيظل يتحدث التاريخ عن اليماني الذي بدأ تاريخه السياسي من بيت الشعب وأنهى حياته مدافعا عن الشعب وهي الحقيقة التي تجلت في خطابه يوم الثاني من ديسمبر عام 2017م والذي لم يخاطب فيه جيشاً أو أحزابا وقوى سياسية وانما خاطب كافة أبناء الشعب لإيمانه بأن الشعب هو مالك السلطة والمستهدف الأول والضحية التي ستتحمل عواقب وتبعات ما ستسفر عنه سياسة التدمير ومشاريع التجزئة والتقسيم الطائفي التي تحملها جماعة الكهنوت وتسعى من خلالها لإذلال وتركيع الشعب وتمزيق وحدته والعبث بأمنه واستقراره وسلمه الاجتماعي.