تدهور مرعب يشهده القطاع الصحي في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية، زاد من معاناة المواطنين، في ظل متاجرة قياداتها بالخدمات الصحية واستحواذهم عليها.
المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه التابع لمستشفى السبعين للأمومة والطفولة بالعاصمة المختطفة، من أهم المراكز التي تدهور وضعها ومعه أصبح المئات من المرضى مهددون بالموت.
انعدام أكياس "قِرَب الدم" حالة غريبة وتعد الأولى إذا ما جاز التعبير، فمن المتعارف أن يكون هناك نقص في توفر فصيلة دم معينة، لكن عدم توفر أكياس فهذه سابقة عصرها حدثت في ظل حكم المليشيا.
قبل قرابة اسبوع، أطلق أحد المواطنين، نداء استغاثة، عبر صفحته على الفيسبوك، يطلب التبرع لابنته بدم من فصيلة +A، جراء تعرضها لانهيار حاد في كريات الدم، ما استدعى حاجتها إلى 8 صفائح دم.
اتجه والد الطفلة في اليوم التالي، حاملا أملا كبيرا بانقاذ ابنته البالغة من العمر ١٣ عاما، يرافقه أشخاص أجابوا ندائه وذهبوا معه الى المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه للتبرع.
وعند وصوله تفاجأ المواطن بسماح المركز لاثنين فقط من المتبرعين بالدخول للمركز، وارجاع الستة الباقين، نظرا لعدم توفر الأكياس الخاصة بالدم، ما اضطره إلى الذهاب الى مستشفيات خاصة وشراء ما استطاع من كمية من الدم لطفلته.
الطفلة يصادف أنها أحد الأطفال المرضى بلوكيميا الدم، الذين تلقوا اواخر سبتمبر العام الفائت، جرعة قاتلة من دواء (methotrexate) الملوث، الذي أدخلته المليشيات الحوثية إلى قسم لوكيميا الأطفال بمستشفى الكويت الجامعي، وأودى بحياة عدد من الأطفال فيما أدخل بقيتهم العناية المركزة.
وعلى الرغم من نجاتها من جرعة الدواء المسموم، إلا أن الطفلة تواجه الموت بشكل شبه يومي بفعل المضاعفات التي حدثت لها بسببه، وضاعفت حالتها بعد أن كانت في مراحل العلاج الأخيرة لمرض سرطان الدم.
استهتار واضح بحياة المواطنين، يظهر جليا من خلال السياسات التي تتخذها المليشيا تجاه القطاع الصحي، واستثمارها المليارات من أموال الشعب المنهوبة لصالح مستشفيات خاصة تنشئها الواحدة تلو الأخرى، على حساب المستشفيات الحكومية التي صادرت منها ميزانياتها التشغيلية، ولم تكلف نفسها توفير أبسط الأدوات لها ولو كانت الأكياس الفارغة لحفظ الدم.