أحدهم كان في يوما ما استاذا جامعيا مرموقا، غير أن الحال انتهى به إلى سائق حافلة، وآخر وجد نفسه مدرسا للصفوف الابتدائية والاعدادية في المدارس الخاصة.
في العاصمة المختطفة صنعاء وما يجاورها من محافظات سقطت بأيدي المليشيات، لم يترك الصلف الحوثي فئة من فئات الشعب إلا واستهدفها.
أساتذة الجامعات والأكاديميون بشكل عام، لم يكونوا بمنأى عن ذلك الاستهداف، فوضعهم المعيشي بات كارثيا بسبب مصادرة رواتبهم، واسلوب الاقصاء الممارس ضدهم من قبل المليشيات.
هذا الاستهداف يشمل الالاف من الأساتذة، حيث تشير احصائيات إلى أن أعضاء هيئة التدريس في الجامعات الحكومية بلغ حتى نهاية العام 2011، ثمانية آلاف أكاديمي يمني، معظمهم متواجدين في مناطق سيطرة المليشيات، وباضافة أفراد اسرهم فإن الرقم يصبح ضخما جدا.
دوامة الفقر التي أدخلت المليشيات أساتذة الجامعات فيها، اضطرت الأخيرين إلى البحث عن فرص عمل توفر لهم مصدرا للدخل يعيلون به اسرهم ويقضون به حوائجهم.
عدد كبير من الأكاديميين اضطروا إلى الرجوع سنين عديدة في مسيرتهم المهنية للوراء، فاتجهوا إلى تدريس المراحل الابتدائية والاعدادية في المدارس الخاصة، عل الأجر الذي يحصلون عليه، يحول بينهم وبين العوز والحاجة.
أما البعض الآخر فبحثوا بجهد مضن عن مصدر رزق، فمنهم من عمل في اعمال لا تمت لاختصاصه بصلة، ومنهم من اضطر لمغادرة البلد وتقديم عطاءه في بلد آخر، والأسوأ حظا هم من ينتظرون في قاعات الجامعات فرجا قريبا من وضعهم الصعب، ولا يسلمون استفزازات المليشيات لهم.
المليشيات لم تترك لأساتذة الجامعات وخصوصا جامعة صنعاء حالهم، فأجبرتهم على الحضور ومزاولة مهامهم دون منحهم رواتبهم، والاكتفاء بترك الفتات لهم كأجور مواصلات، أما من يرفض منهم فيتعرض للإقصاء القسري في مخالفة واضحة للقوانين واللوائح المنظمة للعمل.
الحال لم يتوقف عند ذلك، بل امتد الى مصادرة مساكنهم داخل الحرم الجامعي من قبل مليشيات الحوثي، ومنعهم من الانتفاع بها.
وكل ما تم ذكره لا يصف بشكل كامل ما تمر به أكثر فئة تعنى بالاهتمام في جميع الدول وتحت حكم مختلف اشكال السلطات، عدا سلطة المليشيا التي تعمدت اهانة اساتذة الجامعات واذلالهم ضمن اطار مساعيها في تجهيل الشعب و قتل كل ما يمكنه المساعدة على نهوضهم وخوضهم مضمار منافسة بقية الشعوب والمجتمعات المتقدمة.