في البداية كانت البندقية وسيلة قوية في مسيرة هذه الحرب، رمزاً للمقاومة ولا تزال، ولكن من المشهد يتضح أن هناك مسارات أخرى لاستمرار المعركة في هذا البلد الذي تشظى وتمزق إلى أجزاء متضادة ومتنافرة، يتقوقع في القمة الشر المستطير وهو يمعن في تمزيق بلد وشعب، يتلذذ بتجويع مجتمع وحرف بوصلته باتجاه الظلام.
الآن وربما هي نهاية لبداية جديدة، يتفحص "الحوثي" وجوه اليمنيين وخريطة بلدهم، أين موقعه ومساحته ومدى القدرة على استمرار كل هذا الإرهاب الذي يمارسه لإخضاع ما عجز عنه سابقاً، أو على الأقل الحفاظ على ما تحت قبضته الحديدية، هذه النهاية التي تأخذ معها الحرب استراحة لتبديل ملابسها ووسائلها وخططها، وحتى الآن لا شيء واضح كيف ستكون البداية الجديدة لمعركة لا بد لليمنيين خوضها من أجل حياة كريمة يحاول الإرهاب الحوثي سلبها منهم.
قد تكون البندقية حاضرة في النضال، لكن الأهم هو تفعيل وسائل جديدة للمقاومة، منها ما يتعلق بتطبيع الحياة في مناطق سيطرة القوات الوطنية، وتقديم الخدمات، وتثبيت ركائز المقاومة والمعركة المقبلة، ثم الاستمرار في بث الحياة الوطنية إلى داخل مناطق سيطرة الإرهاب الحوثي، وربط الناس بقيم اليمن وهويته الخالصة، وعدم التوقف عن ربط مصير المعركة بالتعويل على المجتمع وصموده فكرياً وسياساً واقتصادياً أمام الجائحة الحوثية وسياساتها الطائفية.
في هذه اللحظات يكون هناك أمل متقد، يدفعه النضال المستمر بمختلف الوسائل، هذا الأمل هو الركن الأساسي لأن يكون الناس في مناطق سيطرة الحوثي متيقظين واعيين مقاومين، على الرغم من قسوة الهجمة الحوثية ومخالبها ووسائلها العنيفة من مختلف الاتجاهات والزوايا وفي كل نواحي الحياة اليومية.
شخصياً.. أتسلح بالأمل وأقاوم هذه الهجمات العنيفة، أحاول أن أقود معي آخرين بهذا السلاح، نصمت أحياناً، ونهمس أحياناً أخرى، نكتب ونقرأ ونتحدث ولو بملامح الوجه، المهم أن تبقى شعلة النضال والأمل متقدة، وحتماً لن ينال الحوثي من عزيمتنا ولن نخضع طال الزمن أو طالت قسوة أساليبه.