لم تكن احتجاجات المعلمين اليمنيين ومطالبهم المشروعة في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي بعد ثمان سنوات من التنصل والهروب من دفع رواتبهم ومستحقاتهم، سوى خُلاصة للواقع الذي صنعته المليشيا نفسها في كل شبر من أرض الوطن الذي جثمت عليه بقوة السلاح وإرهاب الكلمة وتعليق فشلها على العدوان.
ففي الوقت الذي صبر فيه اليمني على كافة الأزمات والوضع المعيشي الصعب وغلاء الأسعار وانعدام المشتقات النفطية والغاز المنزلي، على أمل أن تتوقف الحرب ويستعيد أنفساه ومجده قليلا، حتى فتحت مليشيا الارهاب الحوثي مبررات جديدة وشماعات من أجل الاستمرار في التهرب من أي مسؤولية باستثناء أخذ الجبايات والإتاوات والضرائب والواجبات وكل ما هو متاح من موارد من مينا الحديدة والاتصالات دون عمل أي اعتبار لموظفي الدولة وقطاع التعليم والصحة والنظافة وغيره.
كل هذا أوصل الناس إلى إجماع شامل بأن هذه الجماعة فاشلة ولا يمكن الاعتماد عليها بأي صورة، ما دفع المغردين والناشطين واليوتوبيرات والإعلاميين والسياسيين وكافة شرائح المجتمع إلى رفع أصواتهم والمطالبة بمحاكمة قيادات هذه الجماعة وحكومتها التي لم تقدم أي حلول.
هذا الاجماع ومعه ثورة المعلمين وبقية موظفي الدولة والمواطنين كان بحاجة إلى دبوس فقط من أجل أن ينجز مهمته مع البالون المنفوخ حتى تتكشف الحقائق كلها ويتم إسقاط هذه المنظومة الإرهابية التي عاثت في الأرض فسادا وقتلا وتهجيرا وتشريدا بحق المواطنين معتبرة أنهم خونة ومرتزقة ولا يستحقون الحياة إلا بالطريقة التي تكفلها لهم هي.
مليشيا الحوثي هي أسوأ جماعة انقلابية في التاريخ فهي تتكئ على خلفية رجعية قائمة على الإذلال والنهب واستغلال المناسبات الدينية والتاريخ المليء بالصراعات من أجل تمرير أكبر كذبة في التاريخ وابتلاع المشهد السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي.
لقد بلغت الحالة الانسانية ذروتها، وبلغت تجاوزات الحوثي درجة لا يمكن معها إلى مواجهة هذه الجماعة بكل أشكال المواجهة، فقد بالغت بلصوصيتها ونهبها وقتل الخصوم والغرماء والمواطنين العزل، وتدمير المؤسسات بإقامة مؤسسات ظل، وتهجير المواطنين ورجال الأعمال ووضع يدها على كثير من الشركات والمؤسسات الخاصة والبنوك والمصانع، ناهيك عن ابتلاع الأراضي بشكل جنوني في محيط صنعاء وخارجها وتعز وإب والحديدة وصعدة وحجة وذمار والبيضاء وعمران وريمة والضالع.
شواهد يومية كانت ولا تزال كفيلة باقتلاع هذه الجماعة من جذورها التي تعول عليها على اعتبار أنها من آل البيت ولها ارتباط بتاريخ البلد السياسي، آلاف القتلى والجرحى وآلاف الانتهاكات والتوظيف السياسي القذر لكثير من القصص والأحداث والمسارات التاريخية والعصبية والمذهبية، كل هذا لا يمكن أن يغفل عنه أي عقل لديه كامل الإرادة والتصرف.
سيأتي اليوم الذي يتبرأ الحوثيون من بعض، ويقتلون بعضهم بعضا وهم يفعلون لأن المثل يقول: “من اجتمعوا على ظلالة يموتون أعداء”، وهذا هو حال هذه العصابة التي يقودها مراهق تشرب القتل وتشبع بمعتقدات وأفكار دخيلة على مجتمعنا اليمني.
علينا أن نثق بأن السقوط حليف هذه الجماعة، المسألة مسألة وقت ونضال وإصرار وتوعية وإيمان بأن لكل ظالم نهاية ولك فاشل خاتمة سيئة، وهذه الجماعة تمادت كثيرا وكذبت مرارا وزايدت باسم القضايا الوطنية لتمرير مشاريعها الصغير التافهة التي لا تنسجم أبدا مع الإنسان اليمني وتطلعاته وكرامته ونسيجه الذي تحاول المليشيا تمزيقه مثل فريسة في فم ضبع جائع.