من جديد كشفت عملية "طوفان الأقصى"
الانسداد السياسي في إيجاد تسوية شاملة
للقضية الفلسطينية والصراع العربي_ الإسرائيلي واحلال السلام العادل والشامل
بما يكفل للجميع العيش في أمن وسلام وإستقرار بعيدا عن الانتهاكات الخطيرة
لحقوق الانسان والجرائم المرتكبة في حق
الإنسانية.
وكان من الواجب على المجتمع الدولي ايلاء
القضية الفلسطينية عناية وأهمية وأولوية خاصة باعتبارها قضية محورية رئيسية ومؤثرة على الاستقرار الإقليمي بل والعالمي، وعانى شعبها طويلا من صلف الاحتلال وإرهاب الكيان الصهيوني.
في المسار الدولي لا جديد فالسائد أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الراعي والداعم الأساسي للكيان الصهيوني، ودويلة إسرائيل هي مدللة واشنطن على مدار العقود الماضية، وهي السبب الرئيسي في استمرار هذا الصراع، وعدم تمكن الأمم المتحدة ومجلس الأمن من تنفيذ القرارات الخاصة بإيجاد تسوية شاملة للصراع وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عبر استخدامها حق الفيتو.
الجميع يتابع وبدهشة كبيرة سير العملية البطولية "طوفان الأقصى" التي نفذتها كتائب القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية حماس والتي وحدت الأمة في استعادة الحق المسلوب والضغط للعودة إلى مسار السلام وفرض حل الدولتين في اسوأ الأحوال.
اليوم وبدلا من قيام امريكا بدعوة كل الأطراف إيقاف التصعيد والتدخل لمنع مزيد من إراقة الدماء وخاصة في اوساط المدنيين، وجدناها تقف بعنجهية من خلال الإعلان انها مع إسرائيل في الدفاع عن النفس، وكذلك تقديمها الدعم المالي والعسكري لدولة الاحتلال وتحريك أسطول بحري متكامل.
الأمر ليس بمستغرب فكل الادارات الأمريكية المتعاقبة كانت راعية لهذا الكيان ومساندة لدولة الاحتلال، وهي استراتيجية واضحة من قبل واشنطن سواء كان الحاكم ديمقراطي أو جمهوري، لأن الحفاظ على أمن إسرائيل في المقام الأول توجه مفروغ منه ومنهج تقوم عليه السياسة الامريكية، وقد اصطدم في ال ٧ من اكتوبر المجيد بهذا الطوفان ليشكل فشلا كبير لأمريكا قبل إسرائيل.
من يتوهم أن امريكا وهي تكيل بأكثر من مكيال بأنها دولة ديمقراطية وترعى حقوق الإنسان مجرد واهم، فأمريكا فقط توظف تلك الشعارات والتوجهات لتجميل صورتها وتسويق عدوانها على الشعوب وثقافتهم.
اتذكر في إحدى اللقاءات مع مسؤول أمريكي خلال دراستي الجامعية كنت قد سألته عن علاقة الولايات المتحدة الأمريكية باسرائيل أيهما يؤثر على سياسة الآخر، ظل لفترة صامتا حتى شعرت بالحرج من أني لم اوفق في صياغة السؤال، إلا أني تفاجأت بقوله انه من الصعوبة الإجابة على هذا السؤال وانه معقد وحساس جدا، فهناك تأثير كبير للوبي الصهيوني على السياسة الخارجية الأمريكية خاصة تجاه الشرق الأوسط، وكذلك تأثير أمريكا على دولة إسرائيل لا يرقى إلى التأثير على القرار الإسرائيلي.
ومن يقرأ كتاب من يجرؤ على الكلام الشعب والمؤسسات في مواجهة اللوبي الاسرائيلي للكاتب الأمريكي (بول فندلي) يدرك مدى تأثير اللوبي الصهيوني على صناعة القرار في أمريكا ومؤسساتها الحاكمة.
بالتأكيد سيكون للعملية البطولية وتطورات الأحداث الجارية بين غزة واسرائيل انعكاسات ونتائج كبيرة ومؤثرة
على كثير من التوازنات في المنطقة، بل العالم بأسره فعالم اليوم وخصوصا دولة الاحتلال لا تفهم الا مفاعيل القوة والتأثير الفعلي على الداخل الاسرائيلي.
إننا في الحقيقة هذه المرة أمام مواجهة نوعية ومفاجأة عسكرية من طراز رفيع تم التخطيط لها وتنفيذها بسرية تامة وذكاء كبير ودقة عالية وشجاعة منقطعة النظير.
جاء هذا من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية تتويجا لكفاح شعب تم اغتصاب ارضه وانتهكت كرامته وصودرت حقوقه الإنسانية واوصدت أمامه كل أبواب العمل السياسي أو المقاومة السلمية.
إن امريكا واغلب دول الغرب تتعامل مع قضايا الأخلاق بمقدار ما ستحقق من منفعة تلبي توجهاتها السياسية وتعد امريكا وبريطانيا على رأس هذا المشروع، ما يعكس صورة مهزوزة عن دعوات السلام، خاصة في القضية الفلسطينية التي يتم توظيفها لزعزعة الاستقرار وأمن المنطقة والعالم لما تمثله من اختبار دقيق لكل الأطراف الفاعلة في المشهد من روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وأمريكا.
أخيرا عملية ربط المقاومة بأي جهة اقليمية، أمر غير مقبول لأنه ينتقص من العملية ومن تضحيات الشعب الفلسطيني وحركات التحرر في العالم، لذا فإن العملية فلسطينية خالصة والشهداء فلسطينيون مطلبهم تحرير أرضهم، وعلى كل القوى العربية الرسمية والشعبية إسناد المقاومة لتعزيز هذا الاختراق اللافت والذي كشف هشاشة المحتل ومشروعه الاستيطاني.
السؤال الأهم هل ستشهد المنطقة العربية متغيرات فيما يخص القضية الفلسطينية بعد هذه المواجهة، أم سنكون أمام مزيد من العنف وسفك الدماء كما يبدو من خلال القصف المتواصل من قبل سلاح الجو الإسرائيلي بضوء أخضر من قبل الدول الكبرى؟؟
قد يستمر التصعيد خاصة من قبل الكيان الصهيوني لما يمتلك من ترسانة أسلحة وحلفاء لكن هذا حتما سيكون المسمار الأخير في نعش السلام العالمي والعربي ما لم يكن للأقطاب حديث مختلف في ظل ظروف اقتصادية وسياسية معقدة على مستوى واسع وفي الشرق الأوسط.
وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق.