كالعادة يراهن الحوثيون على فوضى الحال السياسي وانفراط العقد الاجتماعي، لأنه يهيئ البيئة المناسبة للتحكم المطلق في مجريات إدارة المناطق التي يسيطرون عليها، بسقوف ومساحات مفتوحة، تحت مسمى الدولة التي سطوا على مؤسساتها، وحولوا قوانينها وأنظمتها إلى قوانين وأنظمة شبه عرفية خاضعة لتحكمهم ولتحقيق الغايات التي ينشدونها والتي لا يسمحون لأي قانون أو نظام بأن يحول دون الحصول عليها.
لم تجرؤ العصابة الانقلابية على التصريح العلني بتقويض النظام الجمهوري، وما يرتبط به من قوانين ولوائح، لأسباب جوهرية، منها في البداية اتقاء عدم الرضا الشعبي من قبل المجتمع اليمني في لحظة تحول تغلي خلالها دماء التغيير، ثم الإبقاء على أنظمة تسيير الدولة ومؤسساتها، وفي مقدمة كل ذلك المؤسسات الأمنية والإدارية وبالذات منها المؤسسات الإيرادية، مع توسيع كبير في هذين المجالين بما يحكم القبضة على خناق الشعب من جهة، وما يدر على الجماعة المال.. وبالنتيجة يتحصلون على ثنائية السلطة والثروة، كفريسة جريحة وقعت بين فكي ضبع جائع..!!
وكما قلنا وكتبنا نحن وكثيرون من المراقبين لسلوك الجماعة عن قرب، فهي كغيرها من الجماعات والمليشيات حين تصل إلى السلطة انتزاعا أو انقلابا، تؤدي أداء الدولة ما استطاعت وتنتهج نهج المليشيا، وبالتالي تظل مليشيا ولا يمكنها أن تتمثل الدولة المكتملة في أبسط معانيها. وبالنظر لهذا الحال، وتطابقه مع واقعنا السياسي، فمن المستحيل أن تجنح عصابة وصلت إلى ما وصلت إليه جماعة الحوثي الانقلابية، للسلم أو التصالح، لأن ذلك لا يمكن بأي حال أن يحقق ما قدمت من أجله من ضحايا أبرياء وغير أبرياء..
وحول المفاوضات التي تديرها المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان كوسيطين، لم تتفاءل معظم التوقعات إلا بقدر تفاؤل ضال، يطفو على لوح في محيط هائج، بالنجاة..!! والحقيقة أو الخلاصة التي يجب ألا تتبدل لدى الجميع هي أن مليشيا الحوثي الإجرامية لا يمكن على الإطلاق أن تجنح لحوار أو لسلام يفقدها ما تحتكم عليه من امتيازات السلطة والمال وتحكم بمصير اليمنيين الذين يقطنون في مناطق تسلطها، والذين لا تكتفي باحتلابهم وإفقارهم وحسب، وإنما تتعامل معهم وكأنهم أسرى، يشكلون ورقة رابحة للابتزاز والمزايدة وكل سلوك مليشاوي يضمن إطالة عمر هذه العصابة الباغية.