ولد الفن في اليمن.. هكذا يقال فاليمني معروف عنه عشقه للموسيقى والاغاني.. بدليل التنوع الذي لا مثيل له " الفن الصنعاني، الدان الحضرمي، الايقاع اللحجي، الدف السواحلي، اللون التهامي..
وبدليل انتشار مسميات عشرات المحطات الاذاعية المخصصة للغناء فقط تدندن صبح مساء ولها رواجها وجمهورها الواسع .
في أغلبها يمارس العود سطوته على باقي الأدوات الموسيقية حتى الأعمال الحديثة ما تزال مجبرة على الخضوع لسلطته المنفردة في الأداء مراعاة لذوق المستمع وتفضيله وإذا كانت تريد النجاح .
ثمة ظاهرة - قديمة جديدة - في الأغاني اليمنية أعجب ما يكون تدفع نفسها باستمرار للأمام معبرة عن أندر الحالات وهي الموت حبا.. كما أن هناك العديد من أوجه الارتباط بين الفناء والحب في الحالة اليمنية .
"تعيش انت وتحيا أنا الذي مت حقا"
"ياريح يا اللي تدخلي للبيوت قولي لمحبوب قلبي صاحبك با يموت"
"يا قلب علام رضيت موتك على مه "
ومن الاغاني الجديدة "قد فقدته موت"
"الموت لي والبقاء لك "
" الحب مثل الموت ما يمزحش" .
لا ادري لماذا يستحضر الناس هذه الكلمة في كلامهم للتدليل على بلوغ المنتهى في الشيء أيا كان.
" مت من الضحك، مت من الفرحة، مت من التعب، مت من الهم "
الفكرتان تبدوان متباعدتان إلى حد أن حضور أحدهما قد يلغي الأخرى .. الحب ينسيك الموت تماما بل يجعلك تشعر أنك أقوى منه.
ومع هذا فإن اغانينا تصرح بمسئوليته في وفاة عدة أشخاص يتحمل مصيرهم.
"إن مت ياقوم فالحب السبب "
وفي الأغاني اليمنية لا يزال الأموات من الفنانين يتغلبون على الأحياء حيث لا مجال للمقارنة في كثير من الأحيان إن لم يكن بعض التقليد أو التحديث للتراثية محاولة واضحة للتشوية والانتقال إلى مرحلة النواح .
الغريب أنه عندما حل الموت الحقيقي على اليمنيين جوعا ومرضا وقصفا جراء ثمان سنوات من الحرب لم تظهر أغنية واحدة تتحدث عن عبث الأرواح الحاصل وتعلن رفض الشعب للحرب وسماسرة القتل ومن يرفعون شعاراته.