وكأن الذاكرة لم تخنا بعد، وكأننا ما نزال نتذكر أن هناك شيئاً اسمه (الشرعية)..!! نعم كيف يمكننا أن ننسى أو نتناسى الطرف الوحيد الذي جمعنا، نحن كيمنيين في الداخل وفي الخارج، كل آمالنا وعقدناها عليها، مستأنسين بهاجس الدولة في صورتها المثلى، الدولة التي حظيت باعترافنا ثم باعتراف المجتمع الدولي، لتكون ممثلة لكل اليمنيين، دون تمييز أو تخصيص، وبما يتوافق مع شكل الحكم المرتجى الحفاظ عليه، الحكم الجمهوري وعقده الاجتماعي المتعارف عليه، والمتمثل في دستور الجمهورية اليمنية..!!
نعم لا نزال نتذكر الشرعية جيداً، ولكن.... هل ما تزال الشرعية تتذكرنا..؟! هذا هو السؤال الذي ما ينفك يشغل بالنا ويؤرق وجودنا، خصوصاً حين ندقق في الواقع، فيكشف لنا بأسف كبير، أننا كثيراً ما نكون خارج حسابات هذه الشرعية، التي تصر من وقت لآخر على خذلاننا، وكسر مجاديفنا، بالرغم من أننا ما نزال متمسكين بقاربها، نواجه الأخطار والعواصف والظلمات لئلا ينقلب ذلك القارب أو تلتهمه الأعماق والأعاصير..!!
الشرعية.. لكأن هذا الاسم بدأ منذ عام وأكثر يتضاءل في الحضور ويتراجع حتى في ملفوظ الواقع الذي نعيشه اليوم بشكل ملفت للاهتمام، لصالح مليشيات تطوق واقعنا من هنا وهناك، فمن مليشيا الحوثي الانقلابية إلى مليشيا الإصلاح إلى مليشيا الانتقالي، ولا يستبعد أن يكون في الانتظار مليشيات ومسميات أخرى، لا يستحيل أن يواجهنا بها الواقع في لحظة ما، في حدث ما، في متغير ما..!! تساؤلات كثيرة تفرض نفسها بقوة في صدر اللحظة، أهمها أين ذهبت الشرعية في الوقت الذي نحن في أمس الحاجة إلى حضورها وتمثيلنا في الأحداث والمجريات..؟! هل ما زالت حية تتنفس..؟!
يطرح الواقع اليوم تفاصيله على مستوى الداخل والخارج، ويظل يراوح بين حقيقة ما نحمله من هموم وما نتمناه من متغيرات، وبين احتمالات أخرى مجرد التفكير فيها يبعث على الرعب واللا اطمئنان، فهي بمثابة الخسارة، الخسارة غير المتوقعة إطلاقا، فأي شعور بالخذلان هذا، الذي سمحت له شرعيتنا بأن يهاجم إيماننا بها، وترقبنا إياها كل لحظة لأن تتلقف أيادينا الممدودة باستمرار باتجاهها، على أمل أن تصنع لنا شيئاً، ولو على الأقل حمايتنا مما يلوح لنا من شرور وخسارات لا يمكن أن تدخل دوائر الاحتمال، كما لا يمكن التعايش معها في كل الأحوال.