عندما يطرح موضوع القوة لدى الحوثيين في التواصل الاجتماعي، تجد تفاعلا ملفتاً للانتباه، يؤكد في 90% منه على أن الحوثيين أضعف مما يبدون عليه بكثير جدا، وأن التحالف وقوى دولية أخرى تلعب في الخفاء، هي من صنعت من هذه الجماعة ذلك البعبع الوهمي الكاذب.. وبستشهدون عادة بأحداث وعمليات ومتغيرات في الميدان كانت أبسطها كفيلة بكسر ظهر القوة الحوثية، ثم سرعان ما يفاجأ الجميع بعملية إنقاذ طارئة ترد عادة من خارج حدود الصراع، لتوقف آلة التهام الحوثيين، وتعيدهم على وجه الواقع من جديد..!!
ولو لاحظنا جيداً سنجد أن المجتمع اليمني تحديداً في أغلبه بات يدرك أن جماعة الحوثيين زرعت قصداً في الواقع اليمني، متلقية دعما عالي السقف من دولية تتقدمها الولايات المتحدة الأمريكية، خصوصا في عهد الرئيس بايدن الذي كان من أولى قراراته إلغاء تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية، مع أن أمريكا والمجتمع الدولي كاملاً تقريباً (والذي يدعي وقوفه وراء الشرعية) يصر على الظهور بضدية مع الحوثيين ويتفق مع فكرة كونهم انقلابيين ومختطفين للسلطة، ويثبت ضدهم الكثير من الجرائم التي يكفي قليل منها فقط لتصنيفهم كجماعة إرهابية، ولو لم يكن من ذلك إلا تجنيد الأطفال وتهجير السكان من مساكنهم..!!
هناك تناقضات مربكة، أو كانت مربكة كما يدعي كثير من ناشطي التواصل الاجتماعي، إلا أنها تكشف بوضوح، وقوف قوى دولية وراء وجود واستمرار عصابة الحوثيين، بل وأصبح كثيرون أيضاً يدركون أن تلك القوى نفسها التي دعمت التحالف لشن الحرب على الحوثيين هي نفسها التي تفرض حتى على التحالف نفسه في حربه هذه إيقاعات معينة تدعم استمرار وجود الحوثيين، وتحاول جاهدة تبرير التمزق والشتات الذي يعانيه اليمنيون اليوم بوجود تلك القوة الانقلابية التي ما يفتأون يدافعون عن وجودها واستمرارها كفاعل ميداني مؤثر..!!
ما يثار من جدل وتطرح من آراء في التواصل الاجتماعي ماهو إلا انعكاس واضح لطبيعة ومستوى فهم الشارع لحقيقة وجود هذه الجماعة، وتسع من السنوات كانت كفيلة بل أكثر من كفيلة لكشف هذه الحقيقة، فلم يعد خافياً على أحد زيف تلك البطولات الخارقة التي تدعيها العصابة، مثلما هو ذات الأمر بالنسبة لإدراك أخلاقها وسلوكها المليشاوي المستغل والبشع..!! فلم نعد نعيش في عالم المصدر الواحد للخبر، أصبح الفرد ذاته مصدراً للخبر وقناة أو وسيلة لإيصاله.. وبالتالي فإن الحقائق اليوم باتت أكثر انبلاجا وأسرع وصولا للمتلقي أينما كان..
وبالتالي فإن أية محاولة لتزييف الواقع، ماهي إلا طفرة مؤقتة يمكن استغلالها لتمرير أمر لحظي أو وقتي بشكل سريع يخدم اللحظة ذاتها لا يتعداها.. لم تعد الحقيقة اليوم عرضة للانتهاك المزمن.. وهذا ينطبق على موجة الزيف المفتعلة، التي صنعتها المليشيا لنفسها وساعدها الواقع وآخرون مستفيدون أو يعنيهم الأمر، على التهويل والتحجيم الكاذب والمخادع لتجاوز مرحلة معينة.. واستطالة ذلك التهويل ومحاولة تكريسه في الذاكرة والانطباع اليوم بات صعباً بل أصبح سخيفاً إلى حد لم يعد لائقا لا بخصوم المليشيا السياسيين ولا بالمجتمع الحاضن لها ذاته..!!