ما يعيشه اليمنيون القابعون تحت سلطة الحوثيين اليوم، يبدو وكأنه عقاب لجرم لم يرتكبوه، وإنما ارتكبته قوى سياسية كانت في شكل المعارضة، لسلطة ربما هي الأجدر بوصف السلطة في تاريخ اليمن الجديد، قوى سياسية كان لها أطماعها الشخصية، التي تتوافق مع مشروع هدم خارجي قوض اليمن على كل ما ومن داخله، قوى هدمت المعبد على من فيه ونجت بنفسها فارة من عواقب ما فعلت..!!
والآن ماذا..؟! لا شيء بالنسبة لتلك القوى الهدامة الفارة، ما زالت تحقق فوائد وأرباح ما جنت، وبدلا من أن تتحمل أعباء ونتائج ما فعلت من جرم كبير بحق الوطن والشعب، نجدها تتلقى مكافأة عن كل ذلك بالعيش خارج الوطن حياة أقل ما يمكن وصفها به أنها مرفهة..!! فيما يحمل اليمنيون البسطاء على عواتقهم أعباء ونتائج ذلك الجرم، وإن لم يكن من كل ذلك سوء عاقبة غير العيش تحت سلطة الحوثيين الانقلابية، لكان كافيا لندرك أي حال سيء هم فيه..!!
حصل هذا الفعل الهدام تحت شعارات فساد السلطة القائمة، ووعود بالأفضل، بل بما هو أفضل من الأفضل كما كانوا يقولون، استدرجوا البسطاء من الناس إلى دوائر أحلام مزخرفة بالطموح والتخيلات..
لقد خُدع بهم أولئك البسطاء وبطروحاتهم، ولم يكتشفوا أنهم مخدوعون إلا بعد الوقوع في الشرك.. هذا الشرك العميق والموحل الذي أكد لهم أنهم كانوا من قبل كل هذا في نعمة جزيلة، فكفروا بها، خدمة لثلة من السياسيين (المنتفعين)، كما وصفهم الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح (رحمه الله)، والذين لم يمسهم شيء من الضرر الكبير الذي يعانيه الشعب اليوم..
لا شك في أن اليمنيين اليوم يلقون لومهم على الحوثيين وأصبحوا يكنون لهم الكراهية، نظرا لما يلاقونه تحت سلطتهم الانقلابية من ظلم وجبروت واستغلال، ولكن ليس بالقدر الذي يكنونه لأولئك الذين أسسوا للانقلاب وهيأوا فرصته ومكنوا الحوثيين منه، فلولاهم ما كان للحوثي الذي أصبح عدوا لكل اليمنيين، أن يحكم قبضته على مصيرهم وعلى رقابهم التي تحز كل يوم بجبروت وظلم هذه الجماعة المارقة..
الغريب في الأمر أن أولئك النفر الذين هدموا اليمن على رأس اليمنيين، ما يزالون على الرغم من كل فعلوه، يأملون في مساندة الشعب، الذي تسببوا في قهره وكل معاناته..!! يطالبون منه الدعم لإسقاط سلطة الانقلاب لهم ليعودوا ويتسلموا هم زمام الأمور في الوطن، تحت مسمى استعادة الشرعية، متناسين تماما أنهم من قتلوا الشرعية، وأنهم جزء من ذلك الانقلاب، بل سبب رئيسي في حدوثه..
نعم، إنهم هم من أسسوا لفكرة الخروج عن النظام وإسقاط الدولة ليتمكنوا منها، وعندما تمكنوا منها خسروها في أبسط اختبار أمام جماعة متمردة استدعوها من الهامش، فانقلبت عليهم بدورها، واستطاعت أن تركلهم قاذفة بهم إلى الهامش الذي يتزاحمون فيه الآن، ويبدو من قراءة الواقع ومن سلبية فاعليتهم أنهم مستمرون فيه بشكل مفتوح ولزمن غير محدود ..!!