الإصرار على البقاء بعيداً في الهامش وفرض طوق من العزلة على وجودها، ذلك ما ترغب فيه وتعمل عليه مليشيا الحوثي الانقلابية، فقادتها وأفرادها يعيشون في الحد الأقصى من الذروة منذ تأسيس هذه العصابة، ومعنى أن تكون في الحد الأقصى أي أنه لا أعلى، ولا مزيد من المكاسب الإضافية، وأن أي تحرك لموقع الجماعة لن يكون إلا إلى الأسفل، ومعنى الانخفاض إلى الأسفل هو بدء التهاوي والانهيار، شأنها في ذلك شأن أية عصابة وصلت للحكم دون أساس حقيقي ورافعة دستورية أو حتى شعبية.
وعلى هذا الأساس نلاحظ أن الجماعة الانقلابية ما إن تدخل في عملية وشبه عملية سياسية، حتى تبحث عن وسائل وكيفيات تقويضها وإعادتها إلى الصفر..!! فدخولها في عملية سياسية معناه خسارة ذروة المكان أو المستوى الذي وصلت إليه، مخدومة بالظروف المتأزمة الراهنة أو المصاحبة، مدركة أن التأزم والفوضى تعدان رافعتها الأساسية، ولولاهما ما وصلت إلى ما وصلت إليه ولا حققت ما حققته من مكاسب، على حساب النظام والقانون وعلى حساب الشعب الحاضن في الدرجة الأولى.
وهذا ما أشار إليه كثير من المحللين والكتاب والذين عايشوا هذه الجماعة عن قرب، وبناء ما أثبتته الأحدات والمتواليات، منذ كانت هذه الجماعة طريدة ومحصورة في نطاق جغرافي ضيق، هو نطاق التأسيس، وبدايات إحداثها البلبلة واختلاقها المشكلات في محافظة صعدة، للإعلان عن وجودها وعن تمردها على الدولة، ومضايقاتها للمواطنين في محيطها وابتزازهم والسطو على ممتلكاتهم بل وقتلهم أيضاً.. ثم ما عقدته من اتفاقات ومعاهدات عدة سواء مع الدولة أو مع القبائل أو مع عموم المواطنين، فالواقع يثبت أنها لم تف مع أحد بعهد أو تلتزم اتفاقاً منذ بدء ظهورها على الساحة..!!
فكثيراً ما أكد سلوكها على أنها عصابة متمردة، ولا يمكن أن تجنح لسلم أو ترغب في أمان، لأن ذلك لا يمكن أن يناسبها أو يساعد على بقاء واستمرار ما صنعته بالقوة والخداع من مجد وهيبة واستئثار بالسلطة المطلقة في أماكن تواجدها..
وبالإشارة إلى ذلك وتأكيداً عليه، نجدها اليوم وقد كانت على حواف اتفاق سياسي احتضنت التمهيد له مدينة الرياض، نجدها وقد بدأت في التملص ومحاولة تقويض ذلك الأساس بمراوغات وادعاءات كادت أن تحاصرها وتفضح نهجها، لولا حدوث أزمة الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي كانت بمثابة حبل نجاة للعصابة، تمسكت به لتتارجح على الواقع وتتملص من فرضياته، بمحاولات اجتلاب لأي هجوم عليها أو استهداف لها، يمكنه ان يعيدها لبيئتها الطبيعية ومناطق العزلة التي تناسبها وتناسب سلوكها النهبوي والانعزالي، خصوصاً وهو واقع كما أشرنا تحقق العصابة فيه أهدافاً مادية وسلطوية لا يمكن بأي حال أن تتحقق لها في حال سياسي طبيعي أو واقع نظامي، لأنها شيء زائد عن الحاجة بل هي كالزائدة الدودية التي لا بد من استئصالها.