وقائع الفشل تفجرت من بين حطام الآمال الهشة ، وانفض مولد الرياض بلا رؤية حل قابل للإنجاز، وبلا ورقة عمل للخروج من تيه سنوات حرب تسع ثقال دمرت كل اليمن.
تنصَّل الحوثي من سابق موافقته على صيغة حل ما قبل السياسي، أي بناء الثقة عبر سلسلة خطوات اقتصادية، يمكن أن تجسِّر الفجوة بين الأطراف ،وتؤسس لأرضية يمكن وضع لبنة البناء عليها.
هرب الحوثي من كل شيء وأعاد الأمور إلى نقطة الصفر حيث بدأ التفاوض ليس من حيث تم الاتفاق عليه، بل من نقطة مشاورات ماقبل الاتفاق.
ماذا يريد الحوثي؟
جديد العصي التي وضعها في عجلة الحل ، إصراره على الاستحواذ الكامل على المالية العامة، وتوريد عوائد النفط والغاز لخزانة جماعته ، ونقل البنك المركزي إلى صنعاء، ورفض مقترحات تحاول أن تبحث عن آلية مالية عبر طرف عربي وسيط ولفترة مؤقتة، وإدارة مشتركة .
منذ البدء كنا نعلم أن الحوثي ليس جماعة سلام، وأن الحرب هي مصدر شرعيته ، وأن كل تسوية تدفعه خطوة نحو حتفه ، حتى وإن كانت مخرجات الحل تصب لصالحه ، فهو مكون ما قبل الدولة يؤمن بالإمامة العنصرية ، ويرفض شكلاً ومضموناً أي مسمى للدولة أو حتى شراكة شكلية مضلِلة لا تنازعه السلطة.
يدرك الحوثي بأن مناخ السلام سيطيح بخطاب الحرب ،ويدفع بالاستحقاقات الحياتية للناس الى الواجهة، ويضعه في وجه تيار شعبي جارف سيسقطه ليس بأدوات القوة بل بواجب إنجاز مهام وواجبات الدولة.
يعتقد الحوثي أن الهروب نحو معارك تلامس مشاعر المواطن البسيط ، كمقذوفات بلا معنى هنا وهناك تحت مسمى الدفاع عن الأقصى، تمنحه الحق في إملاء الاشتراطات ومصادرة حقوق كل الأطراف، واعتماده قاعدة من يملك القوة من حقه أن يملك كل شيء وأن يقصي الخصوم.
على الطاولة أسئلة مبهمة مابعد رفض الحوثي لكل مبادرات السلام، وتنصله حتى عن موافقاته السابقة، أسئلة تتصل بكيفية التعاطي مع هذا العقل العصابي ،وما إذا كان المجتمع الدولي والإقليمي مازال يرى فيه جماعة سياسية بأجندة وطنية، أم آلة حرب ومصدر إقلاق لأمن المنطقة والعالم؟
في ضوء الإجابة عن تلك الاسئلة الإشكالية، ستتحدد طريقة التعاطي معه ، ويبدو أن الطريقة الوحيدة المتبقية قيد التداول، هي مواجهة غطرسة القوة وتحييد المخاطر ،عبر إعادة توصيفه كجماعة إرهابية مارقة ، بكل ما يعنيه ذلك من احتمالات العودة إلى خيار الحرب.