وجه الأخ أحمد علي عبدالله صالح كلمة مهمة لأبناء الشعب اليمني في ذكرى ثورة الثاني من ديسمبر.. فيما يلي نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
يا أبناء شعبنا اليمني العظيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تحل علينا ذكرى ثورة الثاني من ديسمبر 2017م التي نترحم فيها على شهداء الوطن وفي مقدمتهم الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح، والأمين العام عارف عوض الزوكا، ورفاقهما الأوفياء من الشهداء الأبطال الذين قدَّموا أرواحهم رخيصةً ذوداً عن الجمهورية والحريّة والديمقراطية وفداءً للوطن وتصدياً لأعمال الظلم والجبروت والإرهاب وممارسات التجهيل والتدجين والتخلُّف، وضد الخوف والجوع والفقر والمرض، ومحاولة إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء، تلك المحاولة التي كانت -وما زالت- تتقاطع مع كل نواميس الحياة، كانت ثورة لاستعادة الدولة ومقدراتها، واستعادة سيادتها وقرارها وإرادة أبنائها الحرة المستقلة، واستعادة أمنها واستقرارها.
قبل أيام، احتفل شعبنا اليمني العظيم بعيد الاستقلال الـ30 من نوفمبر. وما أحوجنا اليوم إلى أن نتطلع إلى كل المعاني الوطنية النبيلة والسامية التي جسَّدها وتوَّجها يوم الاستقلال المجيد.
ما أحوجنا إلى أن نتطلع مجدداً إلى الاستقلال واستعادة حريتنا وكرامتنا وإرادتنا واستقلال قرارنا الوطني بعيداً عن كل شكل من أشكال التبعية والارتهان مهما كان شكلها ونوعها ومصدرها.
ما أحوجنا يا أبناء شعبنا العظيم، إلى استعادة دولتنا كاملة السيادة، التي تتمتع بكل مظاهر الدولة وتمارس كل وظائفها على كامل ترابها دون أي ارتهان أو إملاء من أي طرف داخلي أو خارجي، تلك الدولة التي لا تمارس أي تمييز أو إقصاء بين مواطنيها.. وما أحوجنا اليوم إلى أن نستعيد نظامنا الجمهوري الجريح المغدور وديمقراطيتنا المسلوبة وإرادتنا المصادَرة.
ما أحوجنا أيها الإخوة إلى أن يكون ولاؤنا خالصاً لله والوطن وثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر المجيدتين، وتتوحد جهودنا في الحفاظ على مكاسبهما وتجسيد أهدافهما قولاً وعملاً، بعيداً عن الولاءات الضيقة والمشاريع والمصالح والأجندة الخاصة، التي تسود في الوقت الراهن على حساب كلّ القيم والمشاريع والمكتسبات والأهداف الوطنية الجامعة.
الأخوات والإخوة..
إننا اليوم بأمسِّ الحاجة إلى قيام الجميع بإجراء مراجعة كاملة وصادقة للمواقف والأحداث المؤسفة التي أفضت إلى ما يعيشه شعبنا وبلادنا اليوم من أوضاع كارثية في شتى مجالات الحياة، وحرمان كامل لأسباب ومتطلبات العيش الكريم، ومصادرة للقرار والإرادة الوطنية، وممارسة الوصاية عليه عبر وسائل وأشكال مختلفة، ومن أطراف عدة.
يا أبناء شعبنا اليمني العظيم..
يجب على الجميع أن يدرك بأنه لا يمكن على الإطلاق أن يتحقق لشعبنا وبلادنا أي شيء من تطلعاته في الحرية والكرامة والديمقراطية والعيش الكريم، عبر الخرافة والظلم والإرهاب والتجهيل وسرديات وأدوات العصور الغابرة، ولا عبر التنازل عن الإرادة والقرار الوطني والتبعية للغير، ولا بتحويل الوطن إلى كنتونات ومجاميع متصارعة لا تعبر إلا عن إرادة ومصالح الغير.
الأخوات والإخوة
لقد مرّت بلادنا وشعبنا بسنوات عجاف عاش فيها شعبنا حالة عوز وشتات وانكسار وهوان غير مسبوقة في تاريخه، وستستمر هذه الحالة ما لم ينهض الجميع لاستشعار المسئولية واستلهام العِبَر والدروس، وتقديم متطلبات ومصالح الوطن والشعب على كل ما سواها من مصالح ومشاريع وأجندة خاصة.
إننا ندرك جميعاً بأن بلادنا لن تتجاوز هذه المحنة إلا بإرادة أبنائها وتقديمهم التنازلات لبعضهم وإعلائهم لقيم التعايش والحوار، بدلاً عن لغة البندقية والدماء والصراع العدمي الذي لن يفضي إلا لمزيد من الخراب والدمار.. والتخلص من وسائل الاستقواء البيني عبر استدعاء الخارج والاستعانة به والارتهان لإرادته وتحقيق مصالحه فقط، بينما جميع فرقاء الصراع من اليمنيين في عِداد الخاسرين.
الأخوات والإخوة..
لزاماً على الجميع أن يدرك بأنه لا بديل عن الحوار المعبِّر عن الإرادة الصادقة المتحررة من كل القيود والعُقد والتبعات، كأداة لتحقيق السلام والتعايش واستعادة الدولة والديمقراطية وإعمالها كوسيلة للتعايش والحُكم والمشاركة.
يا أبناء شعبنا اليمني العظيم
لقد مرَّ الجميع وعلى مدى سنوات خلت بالكثير من التجارب التي لم تثمر سوى مزيدٍ من الهوان والضَّعف والخسران والانكسار، فهل آن الأوان أن يتّبع الجميع سُبل الفلاح والنجاة وتوحيد الإرادة والقرار اليمني الذي يضمن استعادة الدولة كاملة السيادة، التي تقوم بكل وظائفها وتلبي جميع احتياجات وتطلعات شعبها دون تمييز.
إخواني وأخواتي..
لن يتحقق هذا الهدف إلا بإرادة يمنية خالصة وبعزيمة الرجال الشرفاء الأحرار من أبناء سبأ وحِمْيَر الذين لا يعرفون المستحيل، ويتطلعون بروح وطنية أبيّة إلى السّمو فوق الصغائر وإنجاز اتفاق يمني يمني يجمع كل القوى الوطنية الشريفة الحرة، والجلوس على طاولة واحدة، والعمل على إعادة بناء الثقة ووقف المهاترات والمماحكات والمكايدات السياسية، ونبذ كل الخلافات، وطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة عنوانها إعادة بناء اليمن الحديث الذي يتسع لكل أبنائه.
وإننا إذ نعيش ذكرى هاتين المناسبتين الوطنيتين المجيدتين فإننا نشعر بمزيد من الحزن والألم لما يعيشه أبناء شعبنا الفلسطيني في غزة من أعمال إبادة جماعية ممنهجة على مرأى ومسمع من العالم أجمع وبرعاية ودعم أمريكي وغربي فيه من العصبية والظلم والانحياز السلبي لقيم القتل والتدمير والإقصاء والتهجير والتمييز ما يخالف كل القيم والأعراف والشرائع الإنسانية، ويدحض كل الشعارات الزائفة للحرية والعدالة والمساواة التي يرفعها الغرب ويتخذ منها سلاحاً يسلطه على دول وشعوب العالم الثالث، وكل الدول والشعوب التي لا تسير في اتجاه تسخير سياساتها ومقدراتها في خدمة دول الغرب وتوجهاتها، وفي ظل صمت وهوان عربي وإسلامي غير مسبوق.
ولذا فإننا نجدد دعمنا ومساندتنا وتضامننا مع أبناء شعبنا الفلسطيني المظلوم، ونؤكد تأييدنا الكامل لحقه العادل والمشروع في إقامة دولته على كامل أراضيه الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
كما نؤكد بأننا سنظل على نهج ومسار الزعيم الشهيد علي عبدالله صالح في دعم الشعب والقضية الفلسطينية العادلة بكل جوارحنا وما تتاح لنا من طاقات وإمكانات على الدوام.
وفي الأخير، لا يفوتني أن أتقدم بالشكر والتقدير لقيادة فرع المؤتمر بمحافظة مأرب وإلى كل أبناء مأرب الشرفاء والأوفياء ومن رتّب وسهّل واستضاف وأحيا هذه الذكرى العظيمة رغم كل العراقيل والدسائس والمؤامرات.. وأشكر قيادة المقاومة الوطنية في الساحل الغربي على إحياء هذه الذكرى وكل من حضر من الداخل والخارج، ولكل الشرفاء والأحرار من أبناء اليمن في الداخل والخارج الذين حالت الظروف دون مشاركتهم في إحياء هذه الذكرى..
عاشت اليمن حرة مستقلة..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته