آراء

التخادم الاستعماري كأعرى فضيحة..!! (2-2)

جميل العمراني

|
11:30 2023/12/17
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

اليوم لم يعد هناك من يستطيع إنكار أو مغالطة ما يقع الوطن العربي فيه من احتقان تآمري يوشك أن يبدده وقد شظى معظمه إلى ما يشبه الكنتونات والأنظمة المتهالكة، بعد أن كانت دولاً لها مكانتها وقوتها سواء الاستقلالية والذاتية أو في صورتها الجمعية القومية، ولا غرابة في أن نجد أو بالأصح المخالف ألا نكاد نجد اليوم كياناً عربياً جامعاً كجامعة الدول العربية على سبيل المثال التي باتت في حكم المنعدم إلا اسماً..!!


فبالإضافة إلى حالة العصف السلبي وإحداث الارتباك الذي أحدثه الاستعمار الجديد في الذهن والوعي الجمعي العربي الذي أشرنا إليه في الجزء الاول من هذه التناولة، وجعل ذلك الوعي ينوء بخساراته إلى التسليم للأحداث تسوقه حيثما تريد، عمد الاستعمار الجديد أيضاً إلى إحداث مزيد من الشتات وضعف الإيمان بكل شيء قومي، يمكن أن يحدث تماسكاً أو صموداً أمام عواصف التمزيق والتشتيت التي باتت تصور العالم العربي وكأنه يتآكل من داخله..!!

وإذا دققنا البصر ونفذنا به إلى داخل الأحداث نكتشف بالفعل أن الوطن العربي يتآكل من جوهر كل مساحة جغرافية أو سياسية فيه، بفعل ما أشرنا إليه من أثر للجماعات التي تأسست داخل بعض أقطاره كجماعات دينية وحقوقية وسياسية وفكرية ترفع رايات التصحيح والثورة ضد ما سمي ويسمى بالديكتاتوريات والظلم ومصادرة الحريات و...  و... وغير ذلك من التعابير والشعارات الرنانة الكاذبة التي تدغدغ مشاعر الشعوب وتحاول تجييشها ضد دولها وأنظمتها..!!

لم يعد التخادم بين قوى الاستعمار الجديد وبين تلك الجماعات المدمرة يستطيع التخفي كثيراً، وها هو اليوم يبدو كأعرى فضيحة حقاً مع كل حدث ومتغير في المنطقة، فمع أحداث غزة على سبيل المثال بات جليا ما تقوم به الجماعات المليشاوية من أدوار استهدافية قذرة تخدم دول الاستعمار، وتأكد لمن لم يكن متأكداً أن جماعات كحزب الله وحماس والحوثيين ماهي إلا أدوات أو معاول هدم يستخدمها من يستهدفون العرب وأوطانهم..!!

وفي ذات السياق نلاحظ ما تقوم به جماعة الحوثيين من أعمال عدائية واستهداف للسفن التجارية في البحر الأحمر تحت مسمى الحرب على اسرائيل، فيما إسرائيل تقهقه عن بعد مستمتعة بذلك العداء المحبب الذي يخدم توجهاتها وتوجهات حلفائها المستعمرين الجدد.. ويبدو التخادم واضحاً حين نرى العصابة الحوثية مثلاً وقد استهدفت سفينة نرويجية، على إثر رفض النرويج تهجير سكان غزة عبر وزير الخارجية النرويجي الذي أدان هذه الأفعال بشدة..!!

لقد ظهر وكأن اسرائيل تؤدب النرويج  عن طريق الحوثيين وتضغط عليها بسبب موقفها المشرف والإنساني مع غزة..!! إلى ذلك وأهم منه ما تشكله هذه القرصنة البحرية من قبل العصابة الإرهابية المتمردة، التي بدا بدون شك أنها مدعومة من قوى الاستعمار الجديد، من ضغوط على دولة مصر الشقيقة، للتنازل عن موقفها الرافض لتهجير سكان غزة إلى أراضيها، فأعمال القرصنة تلك تهدد بتعطيل قناة السويس التي تعتبر واحداً من أهم روافد الاقتصاد المصري..!!

من الجانب الآخر تكشف مواقف الدول المستعمرة من هذه الجماعات الإرهابية، هذا التخادم من خلال التصريحات الباردة واللامبالية تجاه ما تفعله من أعمال تخريبية وإرهابية، فمثلاً يختطف الحوثيون السفن بمباركة واضحة على مرأى من السفن الحربية الأمريكية والبريطانية، وتصف إسرائيل ما يدعيه الحوثيون استهدافاً لها بأنه تشتيت انتباه ولا تريد أن تنشغل به عن مهامها في غزة..!! ومثل هذه المواقف والتصريحات المتساهلة تبدو جديدة وغير مسبوقة..!!

عموماً إن عصابة الحوثيين ومثلها حزب الله وحماس والنصرة وغيرها من التشكيلات العصبوية والمليشاوية التي نشأت في المنطقة كفيروسات قاتلة وممزقة لنسيج المجتمع العربي، لم تكن لتصبح بهذا الحجم الذي تبدو عليه اليوم، لو لم يكن ثمة دافعاً تستند إليه، وليست بالقوة الكافية لتحدث أثراً لو لم يكن ثلاثي أمريكا وبريطانيا وإسرائيل هو من يقف وراءها.. ولقد بات من الضروري على الأنظمة العربية أن تكشف هذا الدور المدمر لهذه التنظيمات والجماعات قبل أن يأتي اليوم الذي تنهار فيه بقية الأنظمة والدول التي ما تزال متماسكة حتى اللحظة.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية