آراء

الكلفة الباهظة لاستمرار الانقلاب

جميل العمراني

|
06:00 2023/12/25
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

إن أي نظام حكم يدرك أخطاءه وزلاته النظامية أو الإدارية لا بد أن تشتغل لديه رادارات استشعار الرفض والاحتجاج من قبل العامة والخاصة، هذا وهو نظام قائم على شكل حكم متعارف عليه وعقد اجتماعي متفق بخصوصه، فما بالنا حين يكون ذلك النظام قائما على اعتساف أو اغتصاب السلطة والاستئثار بها..؟!.

أما حين يتجاوز الأمر ذلك ويكون متوقفا على جماعة عنصرية تختطف الحكم عن طريق عملية انقلابية على النظم والمجتمع، فلا يتوقف الأمر على الاستشعار والإحساس الطبيعي،بل يتجاوز ذلك إلى الخوف الدائم واللحظي من كل تحرك أو فكرة مهما كانت بسيطة..

وهذا ما ينطبق اليوم على جماعة الحوثيين الانقلابية، ويكفي أن نصفها بالانقلابية، لندرك مستوى الحذر الذي يحيط بهذه الجماعة وسلوكها وهي تسيطر على مؤسسات الدولة بعد انقلابها المليشاوي المتمرد، فعلى الرغم من امتلاك الجماعة واستيلائها، إلى جانب مؤسسات الدولة، على القوة والسلاح المنهوب من المؤسسات العسكرية الخاصة بالدولة، وما حصلت وتحصل عليه من دعم في جانب السلاح من قبل دولة إيران المخربة عبر التهريب، إلا أن مستوى الحذر والخوف يصل عند الانقلابيين لمستوى غير طبيعي، يمكن وصفه بالذعر أو الرعب المستمر، ليس من أي تحرك داخلي، فلم تصل درجة الرفض لدى اليمنيين في الداخل بعد إلى تشكيل تحركات شعبية تهدد كيان الجماعة..

ومجرد شائعة أو تردد أنباء عبر كتابات إعلامية مضادة أو حتى من خلال منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، أي شيء من ذلك سرعان ما يثير استنفار الجماعة، وإعلان ما يشبه حالة الطوارئ، وإن لم يكن بشكل معلن على الملأ، وإنما داخليا وسريا في أوساطها وأجهزتها الأمنية، التي تتصف بشدة بالغة تعكس بوضوح شديد مدى ما تكابده الجماعة من خوف وهلع يضعان أمام قيادات الجماعة أسوأ الاحتمالات والمخاوف.. ومن يعيشون في الداخل يدركون ذلك الهلع الشديد من التحركات الأمنية التي لا تكاد تغيب عن مشهد الواقع المعاش في المناطق التي تحت سلطة هذه الجماعة، إدراكا منها أنها صارت غير متقبلة في حياة اليمنيين اليومية، ولم يعد لها من حاضنة آمنة داخل المجتمع..

وهذا الرعب الذي يحيط بالجماعة من كل جهة محتملة وبشكل ضئيل، أمر طبيعي أو بالأصح نتيجة طبيعية لسلوك هذه الجماعة العنصرية الإرهابية، التي تدرك أنها وصلت إلى مرحلة الانكشاف، وأن الخداع الذي راهنت عليه في بداية انقلابها، من خلال شعاراتها الكاذبة، لم يعد اليوم ممكنا، بعد أن تبين لعامة الشعب أنها جماعة مستغلة، لا يعنيها يمن ولا يمنيون كما كانت تدعي، بقدر ما يهمها بدرجة أولى الاستئثار بكل ممكنات الدولة لخدمة مشروعها العنصري والمشروع التخريبي الفارسي الوافد من أقاصي الجغرافيا بقصد استهداف العرب عموما..

ويلاحظ المواطنون باستغراب شديد ودائم ما أقدمت عليه الجماعة منذ انقلابها وسيطرتها من تشكيل أنظمة أمنية إضافية ظاهرة بمسميات لا تدل حقيقة على هيأتها وشكلها وتصرفاتها، كالضبط المروري والأمن الوقائي على سبيل المثال وتشكيلات أخرى سرية.. والتفعيل المضاعف والمستمر بشكل مريب لأجهزة التخابر، وما تقدم عليه من حملات أمنية ومداهمات وإجراءات، وردود فعل أحيانا مع نشر فيديو لشخص متذمر أو تغريدة رافضة هنا أو هناك..!! وإذ نشير إلى هذا الموضوع فإنما لنوضح للداخل والخارج وقتية وضغف هذا الانقلاب وركاكة من يقفون وراءه، وعدم ثقتهم بمحيطهم، بل ووصول الأمر لعدم ثقتهم حتى بأنفسهم، وإدراكهم شبه المؤكد بفكرة عدم الاستمرار طويلا، وهو ما انعكس على تركيزهم في السنوات الأخيرة على الجانب المادي والجني المتسارع للأموال على حساب كل شيء حتى حاجة المواطنين وفاقتهم دون حدود أو تقدير للأوضاع المادية العامة لكافة اليمنيين..!!

وبهذا نصل لنتيجة ذات أهمية كبيرة، تتعلق بمدى تفاعل وجدية الشرعية تجاه هذا الانقلاب، وهو مدى في الحقيقة لا يلبي الحاجة والرغبة في اقتلاع هذه المليشيا وتبديد كابوس هذا الانقلاب الذي يجب الاعتراف بأنه سيظل له الأثر الكبير في تقييد استعادة الدولة من أيدي خاطفيها، فما بالنا، باستعادة عجلة تنمية وبناء الوطن مجددا، والذي كلف وسيكلف اليمن تكاليف عمرية ومادية ما تزال حتى اللحظة مفتوحة الحدود..

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية