بعد أكثر من سبع سنوات من التناغم والتفاهمات المشبوهة بين مليشيا الحوثي وبرنامج الأغذية العالمي عادت العلاقة بين الطرفين إلى نقطة الخلاف الذي يشهد تصاعدا بعد أن أعلن البرنامج الأممي أنه يواجه صعوبات في الجانب التمويلي ولم يعد باستطاعته تغطية الاحتياجات الإغاثية في اليمن.
وفي الوقت الذي أرجع برنامج الأغذية أسباب توقفه عن تقديم الاحتياجات الإغاثية في الأشهر الأربعة الأولى من العام 2024 إلى عدم حصوله إلا على 7 في المائة من التمويل المطلوب، إلا أن حديثه عن مساعي لإبرام اتفاقٍ جديد مع الحوثيين، يمكّنه من استئناف توزيع المساعدات الإغاثية، كشف عن خلافات تتعلق بحصة المليشيا التي ترفض توجه البرنامج لتخفيضها بما يتناسب مع حجم التمويل الضئيل الذي قال انه حصل عليه أواخر ديسمبر الفائت.
تصريحات البرنامج الأممي وتلويحه بالتوقف عن تقديم خدماته الإغاثية التي ظل يطلقها طيلة الأعوام الماضية ويحرص على تضمينها أرقام إحصائية تشير إلى حجم المخاطر والمعاناة التي ستنجم عن توقف نشاطه في اليمن، لم تعد تتوقف اليوم عند حدود الاستغلال الانساني والمتاجرة بمعاناة اليمنيين واستخدامها كورقة ضغطٍ على الدول المانحة ودفعها لتمويل البرنامج الأممي فحسب، بل أصبحت اليوم تمثل دعوة مغلفة بالإنسانية لتغطية الكثير من الأنشطة والاتفاقات المشبوهة مع مليشيا الحوثي.
ومنذ أوائل العام 2018 تحول برنامج الغذاء العالمي من منظمة أممية تعنى بتقديم الإغاثة الإنسانية لضحايا الحروب والصراعات المسلحة، إلى منظمة راعية للصراعات والحروب التي تحرص على إطالة أمدها من خلال ما تقدمه من دعم لإطرافها، وهو الأمر الذي بدا جليا من خلال الاتفاقيات التي أبرمها البرنامج مع مليشيا الحوثي ورضوخه لإشتراطاتها والتي لم تتوقف عند حدود منح الحوثيين نصف المعونات نقداً والنصف الآخر يتم توزيعه تحت إشرافهم، بل وصلت لدرجة دعم المليشيا سياسيا وعسكريا والعمل على إفشال التوجهات الرامية لتخليص اليمن من براثن الحوثي وما إيقاف معركة تحرير الحديدة عنا ببعيد.
مراقبون أكدوا أن إعلان برنامج الأغذية العالمي إيقاف أنشطته في اليمن لن يكون له أي تأثيرات على حياة ملايين اليمنيين كما يزعم في تقاريره وأرقامه الإحصائية لأن من يتحدث عنهم لا يحصلون على أي نوع من خدمات البرنامج ولا يعتمدون على ما يقدمه من فتات، مشيرين إلى أن الإعلان الذي جاء متزامنا مع العمليات الإرهابية التي تنفذها مليشيا الحوثي ضد السفن التجارية في البحر الأحمر، يستهدف المستفيد الأول من المعونات والمتمثل في الحوثيين.
.
وأشاروا إلى أن إعلان البرنامج عن توقف العديد من الدول المانحة عن دعم الأنشطة الإغاثية في اليمن، لا يتعلق بتوقف العمل الإنساني وأنشطة البرنامج الإغاثية في اليمن بقدر ما يتعلق بإيقاف الدعم المالي الذي كان يصل عبرهم للمليشيا، منوهين إلى أن التقارير والأرقام الإحصائية التي يتحدث عنها البرنامج لا تشير إلى حجم الكارثة التي ستنجم عن توقف أنشطته، بقدر ما تشير إلى عدد المستحقين الذين كان يفترض أن تشملهم مساعداته لكنه تجاهلهم واتجه لدعم من يصنع ويضاعف معاناة اليمنيين..