مع استمرار حمى الدمار والخراب وانحراف ثورات الربيع العربي عن مسارها العربي، دعى الزعيم الصالح إلى إدارك المؤامرة الداخلية والخارجية على اليمن، فعمل على دعوة القوى السياسية إلى انتخابات توافقية رئاسية لإخراج الوطن من دوامة العنف والانقلابات إلى الشراكة والشرعية الدستورية، واستمرار النهج الديمقراطي التعددي الذي تحقق في عهد دولة الوحدة.
وكان للزعيم ما وفى وشارك مع قيادة المؤتمر وجماهيره في الانتخابات وتسليم السلطة بطريقة ديمقراطية وحضارية، بعد الإجماع الوطني على نجاح الانتخابات التوافقية، وإجراء تسليم السلطة سلميا تجنباً لانزلاق البلاد في منعطفات خطيرة والدخول في صراعات داخلية.
تسمر اليمنيون عند شاشات التلفاز في انتظار نقل مقاليد السلطة والخروج من حمى المؤامرات الخارجية والانقلابات الداخلية، واستطاع الزعيم صالح والمؤتمر الشعبي العام، تسليم السلطة سلميا للرئيس الخلف والعودة إلى الحياة السياسية إلى جانب عامة الشعب في سلوك ديمقراطي فريد في المنطقة العربية.
ولكن خطط الانقلاب والتقسيم والمؤمرات بعد الـ27 من أبريل استمرت، ولم تترك لحبر الانتخابات أن يجف حتى سعت إلى نهب وسرقة صناديق الاقتراع، والبدء في المشاريع التقسيمية على قدم وساق .
عملت كل القوى السياسية المناطقية والسلالية المتناقضة و التى اجتمعت بتوجيهات داخلية وخارجية مسبقة في الساحات، على الاستمرار في منهجية وخطط إسقاط النظام وتدمير مؤسسات الدولة، وتهييج البسطاء في الشارع من خلال المظاهرات والاعتصامات، وكذلك تمكين عناصرها من الوصول إلى رئاسة الحكومة والوزارات، والبدء بتفكيك البنية المؤسسية للوزارات الخدمية والأجهزة الأمنية والعسكرية.
وصولاً إلى هيكلة الجيش، وتوزيع كتائبه وقادته وأفراده على مواقع وأماكن التنظيمات الإرهابية ليكون هدفاً سهلاً لعملياتها الإرهابية وبدء مشروع التصفية والاغتيالات.
واستمرت التحالفات التدميرية في إسقاط مشروع الدولة، والمضي قدما في مشروع التقسيم والخراب، وتقديم الدولة بكل مكوناتها المؤسسية هدية للمشاريع الإقصائية والانتقامية، ورفض أي حوارات تعيد الجميع إلى مشروعية الدولة المؤسسية، والتبادل السلمي للسلطة وفق معايير العملية الديمقراطية،
في حين ظل المؤتمر الشعبي العام حتى اللحظة الاخيرة، الحاضن الوحيد لمشروع الدولة والمؤسسات الدستورية، غير أن التخادم الداخلي بين القوى العقائدية والمناطقية والسلالية التي جمعتها ساحات التغرير وفوضى العام ٢٠١١ سمح للقوى الخارجية أن تمد يدها ليشكل الطرفان قنبلة قاتلة، ما زالت تتدحرج كل يوم وتدمر الجسد اليمني الكبير عقائدياً وفكرياً، مسببة الكثير من الجراح والأزمات الاقتصادية والفوارق الاجتماعية.