لعل الحكومة اليمنية أحوج ما تكون لتطبيق الحكم الرشيد، وتنفيذ إصلاحات شاملة تعالج الفساد واستنزاف وإهدار الموارد والطاقات، وتعزيز الشفافية والنزاهة والمحاسبة، والاستغلال الأمثل للموارد المتاحة، وإيجاد حلول للمشكلات الملحة والاحتياجات التي تمس حياة ومعيشة المواطنين.
يعد تسرب الموارد المالية إلى خارج البنك المركزي في صدارة التحديات، وأحد أهم الأسباب التي تسببت في تدهور الاقتصاد إلى حد كبير، وهو ما ترتب عليه ارتفاع الأسعار وانخفاض قيمة العُملة، وما إلى ذلك من الأزمات التي مثلت عائقا أمام الحكومات المتتالية ولم تستطع حلها لأسباب متعددة، أهمها ضعف الكفاءة الحكومية اللازمة لضبط الموارد المالية، وإيقاف تسربها إلى خارج البنك المركزي.
ومن أهم الموارد التي تتسرب إلى خارج البنك المركزي، الرسوم الجمركية والضريبية، ومبالغ شراء الوقود، وتكاليف استهلاك الكهرباء والمياه، بالإضافة إلى عائدات قطاع الاتصالات، والتي تتسبب بخسارة الخزانة العامة لمليارات من الريالات.
ومن أجل مواجهة الفساد والتلاعب بالإيرادات العامة المستمر منذ سنوات، يتوجب على الحكومة اقرار الإجراءات الكفيلة بمعالجة الاختلالات في المنافذ البرية والبحرية، بما فيها إغلاق كافة المنافذ غير الرسمية التي تُستخدم لتهريب البضائع والوقود، والتي يجني المستفيدون منها مليارات من الريالات شهرياً، حيث تذهب هذه العائدات لصالح جهات نافذة محلية أو عسكرية أو أمنية.
يتعين على الحكومة إجراء عملية تدوير وظيفية فورية لكافة القيادات والموظفين العاملين في الموانئ البرية والبحرية، بما يشمل وزارات الدفاع والمالية والزراعة والثروة السمكية والداخلية والصناعة والتجارة والنقل والمياه والبيئة.
كما يلزمها معالجة أوضاع العاملين بالمنافذ والمكلفين بالعمل من قبل القيادات المحلية، بالإضافة إلى المتعاقدين والمستعان بهم والبالغين أحد الأجلين، وايجاد الحلول المناسبة.
ويلزم الحكومة مُعالجة الاختلالات في الجوانب العسكرية والأمنية في المنافذ البرية والبحرية عن طريق إسناد حراسة وحماية المنافذ البرية والبحرية إلى قوات أمنية متخصصة؛ والعناية بتدريبها وتأهيلها وتزويدها بالإمكانات بما يمكِّنها من تأدية مهامها على أكمل وجه.
كما يتعين على الحكومة إغلاق جميع البوابات غير الرسمية، وتفعيل دور قوات حرس الحدود وخفر السواحل لأداء مهامها في مكافحة التهريب والرقابة الحدودية.
ويتوجب عليها إصلاح الاختلالات في البنية التحتية للمنافذ البرية والبحرية، وتوفير متطلبات العمل اللازمة لها، بما يُمكِّن العاملين من إنجاز المهام والأنشطة المُسندة إليهم والقيام بمسؤولياتهم وواجباتهم. فضلا عن تسليم المواقع العامة للمنافذ البرية بوزارة النقل، وتوفير ما تحتاج إليه المنافذ من إمكانات التشغيل والصيانة والتطوير.
ويمثل قطاع الكهرباء ثقبا اسودا للموارد المالية؛ حيث تنفق الحكومة شهرياً نحو 50 مليون دولار لتغطية نفقات شراء الوقود، ودفع إيجار محولات التوليد التابعة للقطاع الخاص في محافظات عدن ولحج وأبين فقط.
وعليه يتعين تشكيل لجنة مناقصات للإشراف على شراء الوقود، وتغطية العجز في محطات التوليد الحكومية، بالإضافة إلى تحصيل فواتير المياه والكهرباء من المُتخلفين عن السداد.
ويتوجب على الحكومة تحقيق مستويات أعلى في الحفاظ على النظام المالي والاستقرار النقدي للعملة الوطنية، من خلال مكافحة تهريب ونقل العملات الأجنبية، ومكافحة تهريب ونقل المعادن الثمينة والأحجار الكريمة، ومنع المخالفات التي تؤثر على الاستقرار الاقتصادي.
ومن شأن النجاح في اتخاذ هذه الخطوات والمعالجات أن يرفد الخزانة العامة للدولة بمليارات الريالات، ويعالج تراجع أسعار العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وأن يخفف إجمالا من الأزمة الاقتصادية الطاحنة، بما فيها أزمة ارتفاع الأسعار.
فهل ستنجح حكومة عوض بن مبارك في مواجهة هذه التحديات الملحة؟