على امتداد الزمن ومنذ ظهور الإسلام يقترن شهر رمضان، في كل بقاع الأرض الإسلامية، بصفة دائمة الالتصاق به، وهي الكرم، كما تسند إليه وتحضر فيه صفات وأعمال خيرة نموذجية كالبركة والخير والإيمان والإحسان والبر والتقوى، و غير ذلك من النعوت والأعمال الطيبة التي لا تكتمل الهيئة الطبيعية لرمضان إلا بحضورها وبتفعيلها، بل إنها تفعل نفسها حتى دون قصدية وعناية بمجرد أن يقبل شهر الخير على الأمة الإسلامية.
ولطقوس رمضان حضورها الطاغي، التي تحول نمط الحياة وتبدله، لتجعل من الشهر، إلى جانب كونه شهر عبادة وخير، مناسبة احتفائية مبهجة ينتظرها المسلمون كباراً وصغاراً..
هذا يحدث منذ قرون وفي كل بقاع الارض، ولم يتبدل الحال أو تتغير الطقوس الرمضانية في أي من البلدان إلا مؤخراً في اليمن تبدلت الطقوس وتغيرت الأحوال، حد أن اليمنيين لم يعودوا يحفلوا بهذا الشهر كما كان في السابق، إلا فئة باغية هي جماعة الحوثيين الانقلابية التي لم يعد شهر رمضان يمثل شهر خير واحتفاء إلا لديهم، بينما بقية اليمنيين من حولهم، يعيشون معاناة لا تعرف الحدود..!!
لقد حولت الجماعة الإرهابية هذا الشهر إلى موعد رسمي للجباية ونهب أموال الناس بالباطل، وإلى منصات وعظ كاذب، يزعجون به الناس طوال ليالي الشهر الكريم، ويرددون كلاماً في مواعظهم لا يمت للدين بصلة بقدر ما يحتشد بالنفاق والكذب والزيف وبالتهديد والوعيد، فيما الناس أبعد كل البعد عن ذلك الضجيج، مشغولون بلقمة العيش التي صارت كما يقال في جبهة الأسد في ظل هذه السلطة الانقلابية البغيضة..!!
يدعون إلى الله وهم أبعد الناس عن الله، ويدَّعون أن الطرقات إليه لا تمر إلا عبرهم، وهم أنأى من أن يسلكوا درباً صحيحاً إليه.. يتحامون بالدين وهم يهدمون جدرانه وسقوفه على المسلمين، ويتظاهرون بالتدين وهم أكثر الخلق مروقاً وكفرا وإلحاداً حد أنهم لا يخافون من أن يقدسوا بشراً مثلهم على حساب الايمان بالله تعالى.. وكلما تأملت وتأملت تجد أن الدين لديهم مجرد تقية ووسيلة يستخدمونها من أجل ترسيخ مشروعهم العنصري الجابي والمتسلط..!!
الأمر الإيجابي في كل هذا أن اليمنيين باتوا اليوم يعرفونهم ويدركون أن تدينهم هذا ظاهري كاذب، وأصبح مؤكداً في نظر الجميع أن الدين لدى هذه الجماعة الباغية ماهو إلا وسيلة كسب محرم، يمتصون عبره دماء اليمنيين ويقمعونهم تحت سقفه المهلهل، بدعاوى وصفات ومبررات خارجة تماماً عن منطق الواقع، وعن طبيعية الحياة المفترضة عموماً في هذا العصر..!!
إن التعايش مع هذه الجماعة صار اليوم من الصعوبة بمكان، وأصبح البقاء والاستمرار في الحياة تحت تسلطهم إنجازاً كلما دام كبر الإنجاز..!! فقد قتلت التسع السنوات طموحات اليمنيين، حتى أصغرها وأبسطها لم تعد حية أو موجودة في حساب.. أصبح المواطن اليمني اليوم في مناطق تسلطهم يشعر بالفوز كلما مر يوم وهو ما يزال حياً وإن كان تحت سقوف الحاجة والكفاف والجوع التى فرضتها هذه المليشيا الإرهابية، ولم تعد له من آمال أو أمنيات تتجاوز البقاء على قيد الحياة إلا الخلاص من ظلام وظلم هذه الجماعة.