تحل علينا اليوم ذكرى ميلاد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، القائد السياسي الحكيم والمحنك والقوي الذي ملأ مكانه وأثر كثيرا في تاريخ اليمن المعاصر.
وسواء كنا من مؤيديه أو معارضية، اتفقنا أم اختلفنا معه، إلا أننا نلتقي حول هذه الحقائق والقواسم المشتركة:
عاشت اليمن في عهده المرحلة الذهبية: افضل مرحلة شهدت فيها اليمن أمنا واستقرارا نسبيا لم تشهده قبل عهده أو من بعده منذ قيام الثورة اليمنية. إذ عانى الناس كثيرا شمالا وجنوبا قبل فترة حكمه وبعد فترة حكمه.
"قد كنا عايشين قالوا ارحل"، عبارة يتردد صداها على مسامعنا في الباصات والأسواق من صنعاء الى إب وتعز إلى عدن إلى مواقع التواصل...
استنتج تقرير صحفي قائم على استطلاع رأي نشر في صحيفة بريطانية: أن اليمنيين هم الشعب العربي النادم على الانتفاضة ضد صالح عام 2011، حيث كان أفضل حالا في عهده.
حافظ صالح على الأمن والاستقرار والسيادة والاستقلال والوحدة والديمقراطية والمشاركة الوطنية والشراكة والتنمية النسبية..
فقد خسر اليمنيون دولة وطنية ذات سيادة كانت قائمة في عهده، أكانت فاسدة أو رشيدة.. ووقع في قبضة مليشيات مسلحة تمارس الطائفية والمناطقية والتمزيق والاستبداد والتجويع والجباية.
كان قائدا شعبويا وصديق حميم للجماهير يحظى بالتأييد الشعبي وبالقبول والرضى في أوساط الناس.. وهو صاحب عاطفة وطنية جياشة يحب الشعب والبلد ومهموم بقضاياه وشؤونه.
كما كان حكيما إذ حذر مرارا طوال العقدين الماضيين من الفوضى والتمزق والاحتراب الأهلي، وعودة المشاريع الماضوية الكهنوتية الامامية والاستعمارية والانفصالية والمتطرفة واستجرار الخارج.. ولسوء الحظ، حدث ما توقعه وحذر منه!
ولا يختلف اثنان حول أنه كان قائدا جمهوريا قح، وعسكريا محنكا وشجاعا ومقداما ومبادرا وحيويا وديناميكيا وصانعا ماهرا للتحالفات والائتلافات وبناء العلاقات المثمرة.
وكان بسجيته ديمقراطيا حرا ومتسامحا: بالنظر لامتلاكه زمام القوة في الداخل- وعلى خلاف الكثير من الحكام العرب ومقارنة بمحيطه العربي- لم يكن مستبدا أو دكتاتوريا أو دمويا..
ولا غرو أنه ظل وحدويا صلبا حتى استشهاده على غرار الملك الحميري اليمني (شمر يهرعش)
وكان بلا جدال قائدا سياسيا براغماتيا في سبيل الأمن والاستقرار : وسطي معتدل توافقي تشاركي يقبل بتشارك السلطة وبالتسويات والحلول الوسط السلمية .. وهو ما تحتاجه اليمن ماضيا وحاضرا ومستقبلا.. تاريخيا لم تحكم اليمن الطبيعي كاملة بالقوة وبالحروب وانما بالتوافقات.. قل نظيره من قبل ومن بعد..
ولا ينكر عليه أحد بأنه الحاكم الذي ملأ مكانه: إذ يحب وظيفته ويلتصق بها بشكل حميمي بثقة واعتزاز، وهي سمة قيادية تتوفر فيه كقائد همام.
وأخيرا، وإذا كان لكل جواد كبوة ولكل قائد زلة ولكل بطل هفوة، فخطأه الوحيد هو أنه كان متساهلا إلى حد ما مع الجماعات الدينية..