يدرك القارئ الحصيف والمتابع المتمعن اليوم أن التواطؤ الغربي مع مليشيات الحوثي الإرهابية لم يعد محل شك، أو موضوعاً يمكن الجدل والخلاف فيه، فمن صناعة الفعل ورد الفعل تعرى حقائق لم تكن لتخطر على بال، وتظهر على السطح مجريات وتوافقات واتفاقات كانت تجري سابقاً في الظلام وتحت مجاري وسياقات الأحداث والتطورات، التي تنامت وتتنامى منذ تسع سنوات في المنطقة عموماً وفي اليمن تحديداً..!!
(تعرضت سفينة شحن تجارية لإطلاق نار من قبل مسلحين يعتقد بأنهم يتبعون مليشيا الحوثي الإيرانية أثناء مرور السفينة قبالة سواحل اليمن.. وقد استطاعت السفينة تجاوز الخطر بعد زيادة سرعتها، فلم تتعرض السفينة لأية إصابات..!!)
(وقد صعدت مليشيا الحوثي الإيرانية من هجماتها الإرهابية ضد السفن التجارية المارة في البحر الأحمر وخليج عدن منذ نوفمبر 2023 تحت غطاء (نصرة غزة) متسببة في عرقلة حركة الملاحة الدولية بين مضيق باب المندب وقناة السويس.. وأظهرت بيانات بريطانية زيادة في الحوادث الأمنية البحرية بالبحر الأحمر وخليج عدن بنسبة 475% منذ بدء هجمات الحوثية في نوفمبر الماضي.. وأنه بدلا من حادث واحد كل أسبوعين أو ثلاثة بسبب (القرصنة)، هناك حاليا 6 إلى 7 حوادث يوميا.. بما يشير إلى “تطور غير مسبوق)..!!
بمثل هذه اللهجة الناعمة في تناولها و(المروجة) في صياغتها يتعامل الغرب مع القرصنة الحوثية، لتبدو من ردود فعلها وكأنها قرصنة مسوغة أو مقننة برعاية أمريكية بريطانية، وبدوافع سياسية واستراتيجية تصب في صالح الدولتين العظميين اللتين تعدان صاحبتي وراعيتي معظم المصالح في المنطقة، كمنطقة نفوذ وتحكم شبه مطلق لهما، سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً أيضاً، خصوصاً في ظل الاحتقان البارد الحاصل بين الشرق والغرب حالياً..!!
فالمتمعن جيداً يلحظ بوضوح إن ردود الفعل التي تبديها الدولتان تجاه (قرصنة) جماعة الحوثي الإرهابية على خطوط التجارة العالمية، لم يكن في السابق ولا أظنه سيكون مستقبلاً بهذه النعومة ولا بهذا البرود السلبي، الذي ينفي عنها كونها ردود فعل مضادة بقدر ما هي تعليقات تشبه إسقاط الواجب من جهة مسئولة، ولا تبتعد عن كونها طريقة إيضاح غير مباشرة لما يشبه الرضا عما تقوم به هذه المليشيا، بل ويصفها البعض بكونها تقارير وأعمالاً دعائية لهذه العصابة التي تحولت فجأة وبإمكانات مجهولة المصادر، من مليشيا برية إلى قوة قرصنة يجب أن تحقق حضورها وتنال شهرتها في المياه الدولية..!!
ثم كي لا يكون الأمر فجاً ومباشراً، تشن الدولتان العظميان بين الفينة والأخرى عمليات عسكرية شكلية أو تظاهرية، على مواقع في صنعاء والحديدة، عمليات لا معنى لها ولا تفت في عظم المليشيا، ولا تكاد حتى أن تحدث أثراً على الإطلاق، حد أن المليشيا لا تكاد تشعر بها أو تكشف عن خسائر نتيجة لها، بقدر ما تبتهج بها كمبرر لما تقوم به من قرصنة وأعمال خارجة عن القوانين والنظم الدولية وداعم مساند لانقلابها المقيت..!!
إن ما يجري من تخادم صريح وغير صريح اليوم بين الغرب وبين هذه العصابة الانقلابية، التي يعاني اليمنيون المرارات جراء انقلابها، يعكس بجلاء أن وجود الحوثيين لم يحدث صدفة أو نتيجة تغيرات واضطرابات سياسية يمنية بحتة، وإنما كان منذ البدايات الأولى بفعل دافعات وحاميات غربية، لها أهدافها الخاصة والعامة، ولا يغيب عن الذهن أبداً أبداً التأكيد على ذلك بعمليات الإنقاذ التي كانت وما تزال المليشيا تحصل عليها كلما أوشكت على الانهيار والسقوط..!!