من قطع رواتب موظفي الدولة إلى منع المساعدات والمعونات التي يقدمها الميسورون للمحتاجين، وإيقاف عمل المنظمات الدولية التي كانت تمد يد العون للمواطنين المعوزين والمتضررين من الانقلاب، وبين هذا وذاك الكثير من الإجراءات المجحفة والظالمة التي اتخذتها مليشيا الحوثي الإجرامية في حق المواطنين اليمنيين الذين يقطنون المناطق التي تسيطر عليها هذه المليشيا الانقلابية، بل وتجاوز الضرر ذلك ليصل إلى كثير من أبناء الشعب حتى الذين يتواجدون في مناطق تفوذ الشرعية..!!
وبين الاكتفاء بالصمت عند المطالبة بالتبرير ورمي العلل على الآخرين، وفي أحسن الأحوال وأكثرها تضييقا عليهم الإلقاء بالعلل على مسميات مفتوحة لا قصد واضح لها أو شخص معني بها يمكن محاسبته، نجدهم يطرحون مسميات فضفاضة مثل (تصرفات فردية) أو (متحوثون)، وما إلى ذلك من ثغرات وفوهات للهروب من مواجهة حقيقة كونهم عصابة متمردة لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تتحول لدولة أو تتمثل بنجاح صفة الدولة..!!
إن حالة الإفقار والتجويع التي تستمر الجماعة الإرهابية في انتهاجها بحق اليمنيين، وإنتاجها على سطح الواقع المعاش، هي بالتأكيد حالة متعمدة، القصد من ورائها إضعاف المجتمع وإنهاكه، بحيث لا يغدو منشغلاً بشيء سوى لقمة عيشه، وتأمين ما يمكنه من الاستمرار في الحياة وإن في أدنى مراتب ومستويات العيش، ويصل الأمر في غالب ما عشنا وشهدنا طوال التسع السنوات المظلمة من الانقلاب، إلى التمكن من تأمين وجبة واحدة تقيم الأود، في حين تعيش الجماعة بقياداتها وعموم المنتمين إليها بذخاً مفرطاً لاحدود له، بنهب والتهام مقدرات الدولة وإيراداتها بما في ذلك الجبايات المهولة، وحصرها عليهم دون سواهم، بذخاً خرافياً يتجاوز ما يجري في كثير من الدول الثرية والنفطية..!!
لقد تجاوز ما تمارسه هذه العصابة في حق اليمنيين حد المعقول وارتفع عن سقوف الاحتمال أياً كان علوها وارتفاعها، ولم يعد ذلك خافياً عن أحد، حتى عن قيادات هذه الجماعة المدمرة، غير أن عقد التمكن من إدارة فوضاها قد انفرط بعد أن اتسعت الجماعة واتسعت كروش المنتمين إليها، نتيجة الجشع الذي انتابهم والتعود على أكل أموال الناس بالباطل، فلم يعد أمامهم غير التعامل مع الأمر وكأنه عملية انتحارية يدركون جيداً أن الهلاك يقبع لا محالة في نهاية طريقها..!!
وليس أدل على ذلك من كونهم لم يعودوا يفكرون إطلاقاً بمآلات ونتائج أي قرار يتخذونه أو إجراء يمارسونه، ما دام في عيونهم يخدم حركتهم الانقلابية ويخدمهم على الصعيد الشخصي في اللحظة الراهنة، دون التفكير بالمرة في أية عواقب أو أضرار ستصيب سواهم، وإن كلف الأمر أن يموت الشعب كاملاً ليحيوا، ما كان ولن يكون ذلك في بالهم.. والمصيبة الأدهى أنهم لا يفكرون أبداً في أن تصرفات كهذه تنافي تماماً سلوك واشتراطات الدولة التي لا يتوقفون عن المزايدة في تمثلها وادعاء المحافظة عليها..!!