حسب الإحصاءات يعد العالم العربي ربما المنطقة الوحيدة في العالم التي ارتفع فيها معدل الفقر (على أساس خط الفقر البالغ 3.65 دولار) خلال العقد الماضي، من نحو 12.3 في المائة في عام 2010 إلى 18.1 في المائة في عام 2023. وهناك دول كثيرة في عالمنا العربي نصف سكانها تقريباً يرزحون تحت خط الفقر؛ إذ ينهشهم الجوع نهشاً.
الجوع ليس في غزة وحدها، ولكن هناك المجاعة في السودان الذي كان يوصف بسلة غذاء أفريقيا والعالم، والجوع في اليمن.
وحتى ليبيا النفطية تحولت إلى بلاد فقر؛ إذ اتسع الفقر فيها باتساع صحرائها.
هذا دعك عن الصومال واليمن وسوريا وبقية البلدان المنكوبة.
من الملاحظات التي سجلتها وبناءً على الأخبار التي نسمعها كل يوم ما يخص اتساع موائد الرحمن في العواصم الكبرى في العالم العربي، ولكن الجديد في رمضان هو نوعية من يجلسون على موائد الرحمن، فتلك الموائد التي كانت تعج بالفقراء قديماً نراها اليوم مكتظة ممن كانوا يمثلون عصب الطبقة الوسطى من الأفندية والموظفين، كل يجلس ويخفي وجهه خلف صحيفة حتى يحين موعد الإفطار.
بكل أسف دراسات الجوع والفقر في منطقتنا لم تحظ بما تستحق، وذلك طبعاً لأن ثقافتنا ترى أن الاعتراف بالحاجة نوع من العار يمس الشرف والرجولة وغير ذلك من المفاهيم الثقافية التي تصعب على الباحث الوصول إلى معلومات دقيقة حول الفقر والعوز والحاجة، فمعظم البيانات فيها نسبة كبيرة من الخطأ نتيجة ثقافة الحفاظ على الشرف والستر.
مهم أن تتبنى دولنا مشاريع بحثية جادة للوصول إلى أفضل أنواع القياس لفهم الجوع والفقر في منطقتنا؛ فالجوع كافر كما يقولون، وإن سياسات الجوع والتجويع قد تفاجئنا في يوم من الأيام باضطرابات اجتماعية لا قبل لنا بمواجهتها.
إن تذكُّرنا الجوع والفقر في رمضان أمر محمود، ولكنه لا يعفينا من تأمل الظاهرة في بقية شهور السنة.