لا تفوت عصابة الحوثي الانقلابية مناسبة ولا شأناً من مناسبات وشئون الحياة، إلا وحاولت استثماره في تثبيت نفسها سلطة حتمية على رؤوس اليمنين، إما بالترويج لنفسها عبر ادعاء الأحقية الإلهية لها بكل شيء وابتكار القصص البطولية والخرافات التي عفا الزمن على التفكير في مثلها، أو من خلال استخدام وسائل القمع والترهيب والوعيد، عبر السلطة المختطفة التي بيدها.
والمثير أنها لا تكتفي بذلك، وبدلاً من أن تستخدم وسائل إغرائية سلطوية ومادية في ذلك، تعتمد كثيراً على الجباية وإثقال المواطنين بها بشكل لم يعهد من سلطة أخرى، حتى وإن كانت سلطة أمر واقع..!! وكأنها تقول لليمنيين: اتبعوني وأذعنوا لي وادفعوا أيضاً ثمناً ماديا لذلك الاتباع والإذعان..!!
ولا تنسى أبداً بالتماشي مع ذلك، أن تعمد إلى مهمتها الرئيسية والمتمثلة في محاولاتها محو الذاكرة اليمنية من إرث يصل لآلاف السنين، واستبداله بثقافة مستوردة من خارج الإطار اليمني بل ومن خارج المحتوى العربي أحياناً، ويتبين ذلك حتى من خلال اللهجة الفارسية التي تصطبغ بها خطابات قياداتها، وفي مقدمتهم قائد الحركة عبدالملك الحوثي، محاولين جعل تلك المؤثرات ظاهرة أساسية في الخطاب العام، وكثيراً ما يشعرون بالنشوة حين يجدون آثارها في منطوق بعض المتأثرين بهم، متناسين أن ذلك التأثر لا يتجاوز كونه تأثراً نفعياً أو اتقائياً في أحسن الأحوال..
أما الحديث عن شهر رمضان وما تفعله العصابة في هذا الشهر المبارك، في سياق محو الهوية ليس اليمنية وحسب بل والإسلامية عموماً، فللحديث متون وشجون لا حدود لها.. فلا تترك العصابة تفصيلاً صغيراً دون استغلال.. واستغلالها كما يبدو من مجمل تفاصيله قذر، ينم عن حقد دفين وسلوك انتقامي يمارسه المنتمون إليها ضد اليمنيين كل اليمنيين دون استثناء.. فكثيراً ما منعوا ويمنعون عادات وممارسات حتى في شئون العبادة، يستبدلوها بخرافات وخزعبلات تمجدهم وتحاول محو التاريخ وتزييفه لصالح جماعتهم المارقة..!!
فعلى سبيل المثال لا الحصر نجدهم يستعدون باكراً لدخول شهر رمضان بإقامة الدورات الثقافية لمرشديهم وما يسمونهم الثقافيين، والذين يتولون الدعوة العامة لتقبل الجماعة والإيمان بقياداتها كقيادات ربانية تمثل الإله، ويصورون عصيانها وكأنه عصيان للرب وخروج عن الدين..!! كما يقومون باحتلال المساجد في مناطق نفوذهم وشغلها بالمحاضرات السياسية التي تصورهم وكأنهم السلطة الوحيدة على الارض التي تمثل الله، وأن تنفذها بأمر منه، وقوتها وبطشها بأزر من قوته وبطشه..!!
ومن المثير والداعي للتعجب والرفض أن تحرم هذه الجماعة التوجه لله بالصلوات، والصلاة لله أيا كانت وكما نعرف تاج العبادة، يمنعونها بداعي أنها تزعج الناس وتقض مضاجعهم، ثم يستبدلونها بخطاباتهم السياسية المقيتة، وصراخهم وهتافاتهم المستجلبة من خارج الثقافة اليمنية والعربية، كصرختهم التي يسمونها البراء من اليهود والمشركين، وهي كما يعرف الجميع شعار مستجلب من الثقافة الفارسية الإيرانية، لاعلاقة لها باليمنيين ولا بواقعهم..!!
وهكذا تعتمد الجماعة الإرهابية وسائل وسبل الترغيب المجاني الذي لا يدفعون لقاءه أي مقابل، بل بالعكس يضيفون إليه جباياتهم المجحفة، والترهيب القمعي في حق اليمنيين، بشكل لا يدل على شيء أكثر مما يدل على أنهم ليسوا جزءا متجزئاً من هذا المجتمع، وإنما كيان قمعي محتل لا يختلف كثيراً عن الكيان الإسرائيلي المحتل لأراضينا العربية في فلسطين المحتلة، بل ويظهر في سلوكهم وتصرفاتهم غالباً ما هو أبشع مما يمارسه الكيان الصهيوني..!!