خلال الأشهر الستة الأخيرة التي شهدت حرب إبادة إسرائيلية متعمدة ضد الفلسطينيين من سكان قطاع غزة، لا يكاد يخلو أسبوع من قراءة أو سماع تقارير إعلامية، غربية وعربية، تؤكد أن العدَّ العكسي لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قد بدأ. وهم بذلك يعنون أن مغادرته النهائية لخشبة مسرح احتلها كممثل رئيسي لسنوات طويلة نسبياً وشيكة.
تلك التقارير، في رأيي، أقرب ما تكون إلى الصحة في قراءاتها للحدث، ونتائجه المتوقعة. وما يحدث على أرض الواقع والفعل اليومي يؤكد ذلك بقوة، ويعزز بشدة من صحة التنبؤ، بأن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، ليس فقط في طريقه إلى مغادرة المسرح؛ بل والأرجح إلى المثول متهماً أمام القضاء في إسرائيل وفي ساحات قضائية دولية، بارتكاب جرائم فساد وتهاون في الأولى، وجرائم ضد الإنسانية في الثانية.
ما ينشر في تلك التقارير الإعلامية، لا يغيب عن نظر رئيس الحكومة الإسرائيلية. وهو لذلك السبب -كما يقول معلقون- يريد للحرب التي شنَّها ضد حركة «حماس» والسكان المدنيين في القطاع الاستمرار؛ لكنه، بعد 6 أشهر، لم يستطع رؤية بقعة ضوء في النفق المظلم الذي دخله بعينين مفتوحتين وعلى عجل.
المثل الشعبي الذي يؤكد أن دخول الحمام ليس مثل خروجه، ينطبق على وضعية نتنياهو؛ إذ باتفاق المعلقين ليس بإمكان إسرائيل القضاء على حركة مقاومة للاحتلال، آيديولوجية عقائدية، مثل حركة «حماس»، كما وعد نتنياهو. والمظاهرات الهائلة التي نشاهدها هذه الأيام تُبث على الشاشات في شوارع تل أبيب، تؤكد أن الإسرائيليين أنفسهم لم يعودوا يصدقون رئيس الحكومة، ولا الائتلاف الحاكم، وكل ما يريدونه هو عودة الأسرى المخطوفين سالمين إلى أهاليهم، ووقف الحرب.
تداعيات خروج نتينياهو من المسرح وما يرافقها على المستويين المحلي والدولي سوف تترك آثاراً سياسية ليس من السهولة محوها سريعاً. أهمها اللطخة السوداء التي شوهت الصورة التي عملت إسرائيل على إقناع العالم بها طيلة سبعين عاماً وأزيد، وهي أنها تعيش في غابة، ومحاصرة بوحوش يبتغون افتراسها. وهذا يعني سقوط القناع. قناع الفريسة/ الضحية، انمحى في 6 أشهر، ومكانه بان واضحاً بوجه آخر قبيح؛ لكنه حقيقي، لن تنجح كل أقنعة العالم في إخفائه.