محلي

قاع جهران يحتضر.. القات والأسمنت والميليشيا ثلاثية تستهدف الزراعة في اليمن

شهاب السماوي

|
11:24 2024/04/28
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

عندما نتحدث عن قاع جهران فإننا نتحدث عن الماء والتربة والخصوبة وصوامع الغلال وحصاد الأزمنة ورحم الحياة الذي تشكلت بتغيراته وألوانه الفصول وخارطة المواسم وحسابات الايام ومطالع النجوم ومواعيد المَتَالِم وتاريخ الزراعة وعلاقة الإنسان بالأرض منذ فجر التاريخ وحتى اليوم.

قاع جهران الذي كان منذ أزمنة بعيدة وحتى وقت قريب سلة للغذاء ومنتجا رئيسيا يزود الأسواق اليمنية بالحبوب والخضروات والفواكه وتحول بخصوبته واتساع أراضيه الزراعية ووفرة مياهه وتنوع محاصيله إلى حكاية ومضرباً للمثل في الذاكرة الشعبية، لم يعد كذلك بعد أن غزته شجرة القات التي تزداد زراعتها اتساعا وتنتشر فيه انتشار النار في الهشيم.

اليوم وفي زمن المليشيا وتوجهاتها لملشنة وعسكرة الشعب ونتشر ثقافة الكراهية، يتم استبدال المعول بالبندقية ويتم توجيه وتحشيد أبناء المزارعين إلى جبهات الموت للدفاع عن مشاريع الكهنوت، يتلاشى قاع جهران وتسقط مواسمه ومحاصيله أمام شجرة القات وأعمدة الأسمنت والأسواق التجارية التي تلتهم المساحات الزراعية، وحولت القاع الفسيح من مصدر للغذاء يزود اليمنيين بالطعام إلى مصدرٍ للكيف الأخضر وسويعات الوهم التي تسرق منهم الوقت والأرض والمحاصيل.

وترجمة لسياسة التدمير التي تستهدف الشعب اليمني يتسابق المزارعون -دونما وعي- على زراعة شجرة القات لدرجة التنافس الذي يقابله تنافس في بناء الاسواق الخاصة ببيع أغصانه الخضراء وتشييد العمارات والمحلات التجارية والمطاعم على جنبات نهر الطريق الاسفلتي الذي قاع جهران إلى ضفتين لم يعد يرى المسافر فيهما غير مزارع القات والمباني الأسمنتية التي تزداد رقعتها اتساعا وتلتهم حقول القمح والخضروات والفواكه بسرعة جنونية.

وفي الوقت الذي يعتقد الكثيرون أن كل مواطن حر في استغلال ما يمتلكه من أراض ومزارع بالشكل والطريقة التي تناسب احتياجاته وتحقق له الأرباح، يرى اقتصاديون وخبراء في قطاع الزراعة أن ما يحدث في قاع جهران وغيره من القيعان والأودية يحظى بدعم ومباركة من جماعة الحوثي التي ترى في اتساع رقعة زراعة القات استثمارا جيدا يعود عليها بالكثير من الإيرادات من خلال ما تفرضه من ضرائب وجبايات متعددة.

وأشاروا إلى أن انتشار واتساع رقعة زراعة القات ووصولها إلى قيعان ومناطق لم تكن تهتم بزراعته من قبل مثل عتمة ووصاب وريمة وغيرها من المناطق التي اشتهرت بزراعة البن والمحاصيل الأخرى، يشير إلى أن انتشار هذا النوع من الزراعة يسير وفق عمل ممنهج يستهدف تدمير الزراعة واستنزاف المياه الجوفية في اليمن ومحو كل ما يتصل بها من إرث معرفي من ذاكرة المزارع اليمني واخراج جيل جديد يجهل الزراعة وفنونها وثقافتها المتوارثة منذ الأزل

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية