"في اليوم العالمي لحرية الصحافة "
3 مايو يوم مهم لكل صحفيً يمنيً وصحفية ...صحيح ان العالم في هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة يتذكر الانجازات التي تحققت للصحافة ،بينما نحن كصحفيين نتذكر ما تعرضنا له من أعمال اعتقال وقمع وتعذيب في السجون... نتذكر الملاطيم... نتذكر الساعات المتواصلة إلى الفجر في التحقيق... يتداول عليك اكثر من اربعة اشخاص سكارى محببين عرابيد... نتذكر التعليق بالكلبوش حتى تسيل الدماء من آثار الكلبوش.. نتذكر الزنزانة المظلمة 3×3
تتذكر قضاء حاجتك بالحمام اربع مرات في اليوم والباقي اقضيها في علب بلاستيك.... تتذكر الاكل وسلحبة الشاوش والازعاج ...نتذكر التوشيحات الحوثية المزعجة قبل الصلوات بساعات... نتذكر خطاب الإرهابي عبدالملك الحوثي وأخاه الصريع عبر مكبرات الصوت، نتذكر الشماسي التي فرضت جزاءً لكل من طالب بحمام أو نادي يا مستلم معنا مريض سيموت ،مما يتعرض له الجناح بالكامل من التعذيب بالماء البارد والتنظيف والركل والضرب... نتذكر التعذيب النفسي الذي هو من اخطر أنواع التعذيب في السجن السياسي الحوثي عندما يتم الإفراج عنك لساعات طويلة في البوابة تنتظر أهلك يأتون لك بعد أن يبصموك بالعشر وانت مكلبش ومغمض ومربوطة عيونك... فجأة يأتي إليك أحدهم لاتعرف من هو... يقول لك تأخرت أسرتك... لم تفهم، لكن عد نكمل معك الإجراءات.
هذا ما نتذكر كصحفيين كنا في سجون المليشيا والآلاف من السجناء أيضا... هذا ما اتذكر أنا كواحد من بين مئات الزملاء الصحفيين الذين مورست بحقنا صنوف التعذيب من قبل مليشيات إرهابية وشردت في الصحاري.
في العالم يأتي هذا اليوم لتقييم ما تحقق للصحافة من نجاحات وإنجازات، وما حصلت عليه من حقوق، وما أصابها من متاعب ومعوقات وقيود في العالم، وحماية وسائل الإعلام من التعدي على استقلالها، وتكريم الصحفيين الذين فقدوا حريتهم أو حياتهم في ممارسة مهنتهم.
لكن بالنسبه لنا كصحفيين يأتي اليوم العالمي للصحافة لنتذكر المآسي والجرائم والإنتهاكات التي حلت بالصحفيين اليمنيين ومايزال من قتل وتعذيب ونزوح.
نعم اختير الثالث من مايو كموعد لإحياء ذكرى إعلان ويندهوك التاريخي خلال اجتماع للصحفيين الأفارقة نظّمته اليونسكو وعُقِد في ناميبيا «زي النهارده» في 3 مايو 1991، وأعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1993 موافقتها على اعتبار 3 مايو اليوم العالمي لحرية الصحافة، إثر توصية وجهها إليها المؤتمر العام لليونسكو، ويعتبر هذا اليوم مناسبة لإعلام المواطنين بانتهاكات حرية الصحافة والتذكير بأنه- بعشرات البلدان حول العالم- تُمارس الرقابة على المنشورات، وتُفرض عليها الغرامات، ويُعلَّق صدورها، وتُغلَق دورالنشر، بينما يلقى الصحفيون والمحررون والناشرون ألوانا من المضايقات والاعتداءات والاعتقالات، حتى الاغتيال في العديد من الحالات.
بينما يأتي هذا اليوم ولا يزالُ الصحفيون الزملاء (وحيد الصوفي، ونبيل السداوي، وعبدالله النبهاني) محتجزين في سجونِ الحوثيين، دونِ أيّ محاكمةٍ عادلةٍ، ممّا يُمثّلُ انتهاكًا صارخًا لحقوقِ الإنسانِ وحريةِ التعبيرِ.
العالم يستغل هذا اليوم لتشجيع وتنمية المبادرات لصالح حرية الصحافة، وتقييم مداها على امتداد العالم، ويتخذ من هذا اليوم مناسبة لتذكير الحكومات بضرورة احترام التزامها بحرية الصحافة، وتتبلور أهمية اليوم العالمي لحرية الصحافة في تقديم الدعم لوسائل الإعلام المستهدفة بالتقييد أو بإلغاء حرية الصحافة.
لكن كيف نقول للعالم؟! بماذا ستذكرون الأطراف اليمنية ومليشيات الحوثي الإرهابية على وجه الخصوص بهذا اليوم؟! كيف يمكنكم ان توجهوا لها الدعوات وماذا ستقولون لها؟!
هل ستتحدثون معها عن القتل المتعمد والممنهج الذي تعرض له أكثر من 49 صحفيا يمنيًا من قبلها... ام عن المغيبين في سجونهم ،العديد من الصحفيين اليمنيين يعانون من أوضاعٍ اقتصاديةٍ صعبةٍ، حيثُ انقطعتْ رواتبهم في المؤسساتِ الحكوميةِ منذ العامِ 2016، وباتَتْ فرصُ العملِ شحيحةً للغايةِ بعد إغلاقِ العديدِ من وسائلِ الإعلامِ المطبوعةِ والمرئيةِ والمسموعةِ من قبل المليشيا التي لا تتوقف عن ملاحقة الصحفيين وقمعهم والزج بهم في السجون.
هذا اليوم يذكرنا بإستشهاد الصحفية اليمنية رشا الحرازي التي فقدت حياتها ضحية عملها كصحفية وذلك إثر زرع عبوة ناسفة زرعت بسيارتها أثناء قيادتها للسيارة في خور مكسر بمدينة عدن في نوفمبر ٢٠٢١م.
هذا اليوم نتذكر وفاة الصحفي والأديب محمد صالح حيدرة بعد حادث مروري في العاصمة صنعاء تاركا أخر معاناته في قطع الراتب.
هذا اليوم يذكرنا بوفاة الصحفي محمد العبسي، الذي توفي في ظروف غامضة بصنعاء
بعد تلقيه تهديدات عديدة على خلفية تقاريره الصحفية الاستقصائية عن ملفات فساد كبيرة وشائكة.
نتذكر أيضا الزميل و الصحفي أنور الراكان الذي لفظ أنفاسه الأخيرة في يوم 2 يونيو/حزيران، بعدما تدهورت حالته الصحية بشكل واضح خلال احتجازه لدى الحوثيين، حيث فارق بعد أيام قليلة من إطلاق سراحه ...والكثير الكثير من الجرائم بحق الصحفيين اليمنيين.
وهكذا هلم جرا ، ومنذ بدء الانقلاب على مؤسسات الدولة ، تعرّضتْ الصحافةُ اليمنيية لأبشع الجرائم بل أكثر من 1700 حالةِ انتهاكٍ واعتداءٍ، وتوقّفتْ 165 وسيلة إعلامٍ، وحُجبَ قرابة 200 موقعٍ إلكترونيٍ محليٍ وعربيٍ ودوليٍ، وفقدَ 45 صحفيًا يمنيًا حياتهُ دفاعًا عن الحقيقة.
فهو يوم حقيقة، نتذكر من خلاله بل نحيي كصحفيين ذكرى زملائنا الذين فقدوا حياتهم في ممارستهم المهنة. ففي السنوات العشر الماضية قُتل أكثرمن 49 صحفيًا ، لذا يجب أن تكون البيئة الإعلامية الحرة المستقلة والتعددية سواء متصلة بالإنترنت أو منفصلة عنه، بيئة يستطيع الذين يعملون في الصحافة العمل فيها بأمان وبشكل مستقل دون الخوف من تهديدهم أو قتلهم أو تعرضهم لمضايقات واختطاف وسجن تعسفي.
في هذه المناسبة ننتهزها فرصة ونطالب الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والمجتمع الدولي بالضغط على المليشيات الحوثية للإفراج عن بقية الزملاء الصحفيين والمغيبين قسرا في سجونها.
*صحفي مختطف سابق لدي مليشيا الحوثي.