كتبنا وكررنا مراراً أن إدارة الوضع داخل اليمن منذ بداية الأزمة السياسية في اليمن وظهور انقلاب جماعة الحوثي الإرهابية، لا يمكن بأي حال أن تكون من صنع أطراف النزاع أو من تكتيك خبرات محلية على الإطلاق، خصوصاً فيما يتعلق بالنظام الاقتصادي والمالي القائم، وهو ما لو عرض على خبراء اقتصاد لأدركوا دون أي صورة من صور الجدل أنه نظام من صنع خبرات دولية كبيرة، يندر جداً أو يمكن أن يستحيل توافرها في صفوص أي من الطرفين..!!
لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون الحال القائم في جوانب اقتصادية عدة منها تحصيص وإدارة موارد الدولة وتجارة النفط والذهب والصرافة والتحويلات ووجود عملتين مختلفتين بينهما فارق في القيمة، بالإضافة إلى موارد الاتصالات والجمارك والضرائب، و... و.... الخ.. لا يمكن أبداً أن يكون ترتيب كل ذلك وارداً بالصدفة، ولا له أية علاقة بالأوضاع التي نشأت ورهنت منذ حدوث انقلاب الجماعة الإرهابية وسيطرتها التي لم تكن منتظرة على صنعاء العاصمة ومظاهر وممكنات الدولة فيها..!!
كل ذلك أو بالأصح هذا التكتيك الاقتصادي المنظم، من المستحيل أن يكون بإدارة محلية في ظل فوضى عاشها وما يزال يعيشها اليمنيون منذ ما يقرب من عقد من الزمن..!! إنه نظام مسبوك ومحبوك بأيادي وعقول وخبرات لها باع طويل وإمكانات تتجاوز إمكانات وتحكم الاقتصاديين المحليين سواء في هذا الفريق أو ذاك.. ومثلها أيضا أوضاع وتبدلات العمل السياسي والعسكري، التي لم تراوح مكانها خلال هذه الفترة القاهرة والمدمرة من تاريخ اليمن، فبالرغم من كل الأحداث والتغيرات والمعارك الفعلية والوهمية، لم يستطع الواقع مبارحة مكانه..
إن كل هذا يؤكد بما لا يدع مجالا للتشكيك ولا حتى للظن الحسن، أن هناك لاعباً متحكماً مسيطرا يدير التحولات والتغيرات وحتى المواجهات المباشرة وغير المباشرة، ولا يسمح بإحداث تغيير لصالح أي طرف من الأطراف..!! ولعل من مؤكدات ذلك استمرار مليشيا الحوثي الإرهابية متمكنة من انقلابها، وهي أضعف قوة وخبرة من أن تكون في المكان الذي هي فيه اليوم، وأن هناك من يكلف نفسه ليكون منقذاً لهذه العصابة كلما شارفت على الوقوع والسقوط، والأحداث الشاهدة على ذلك أكثر ذيوعاً وشيوعاً وأوضح للعامة من أن تعد هنا..!!
ولعل التطورات التي تجري حالياً في بعض من محافظات الجنوب والشرق مثل عدن وشبوة وسقطرى، تعد فصلاً من فصول الإلهاء والامتيازات التي تحظى بها المليشيا الانقلابية، وواحدة من عمليات الإنقاذ التي تتعمد إلهاء العامة والخاصة وتفتيت وتشتيت الرأي كلما تعلق بقشة أو بقضية بإمكانها أن تحدث قلقاً للمليشيا وتشغلها عن انقلابها وإدارة قبضتها الحديدية على خناق الشعب المغلوب على أمره، والمقهور دونما سبب بما يحدث له ولوطنه من تدمير بنى وتمزيق أوصال قد تستغرق مداواتهما دهراً مستقبلياً مطلق الحدود بالنسبة للزمن وما لا يكاد أن يحصى من التكاليف البشرية والمادية..!!