آراء

لا مستقبل ولا دوام لمشروع قائم على فرض (الأمر الواقع)

وسام عبدالقوي

|
11:07 2024/07/13
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

الحقيقة التي لا مفر من مواجهتها، هي أن الأزمة اليمنية الراهنة لا يمكن تجاوزها وإنهائها عبر عملية سياسية، تكون جماعة الحوثي طرفها فيها أو جزءاً منها.. وبات الجميع في الداخل والخارج، سياسيين وعامة، يدركون أن حل الأزمة وانقشاع ظلامها الحالك، لن يكون أو يتحقق ما لم يتم التخلص من هذه الجماعة الناتئة، التي أثبتت للجميع دون مجال للشك أنها أبعد ما يكون عن أن تكون جماعة متوائمة مع الواقع ومع غيرها من الأطراف.

 بل أثبتت الأحداث والمعايشة أنها لا يمكن أن تتواءم حتى مع الخلق جميعاً، ذلك أنها لا تؤمن بواقع العمل السياسي ومفاهيم الشراكة والحرية والديمقراطية، ولا حتى بفكرة الدولة الحديثة القائمة على العمل المؤسسي والنظام والقانون، وإذا وجدناها تزايد بمثل هذه المسميات والصفات، فذلك ليس أكثر من تظاهر زائف تستخدمه حين تجد فيه خدمة أو مصلحة ناجعة في تعزيز انقلابها وتشبثها الفوضوي بما ليس لها حق فيه، وفي مقدمة ذلك السلطة المطلقة، والتي تحاول الاقتناع والإقناع بمزاعم ملكيتها بتفويض إلهي..!!

عشر سنوات تقريباً والعالم أجمع، بما في ذلك رعاة الأزمة وأطرافها وعامة الشعب اليمني، يدركون من أول وهلة أن ظهور هذه الجماعة بالشكل الذي ظهرت عليه والتوقيت الذي برزت فيه، وراءه ما وراءه، خصوصا حين ندقق الآن في صيرورة الأحداث وتبدل الواقع، لأننا سرعان ما ندرك وبتأكد كبير أن وصولها للسلطة عبر الانقلاب كان وما يزال محمولاً بحوامل خفية توفرها قوى متمكنة، لم تكن حوامل الإرادة الشعبية والوطنية والإيمانية ضمنها.. لقد فُرضت الجماعة فرضاً قسريا على المجتمع اليمني، من قبل الخارج بعوامل لا تتجاوز فكرة فرض (الأمر الواقع) الذي يجب التسليم له دون نقاش أو توقف عند الأسباب والمبررات..!!

المؤسف جداً أن القوى الكامنة وراء ظهور هذه الميليشيا والتي مدت وما تزال تمد يد العون والأزر في السر والعلن، تتعلل أمام نفسها بمصالحها الاستراتيجية، وبغرض استخدام هذه الجماعة الإرهابية لتنفيذ أعمالها القذرة في المنطقة، دون النظر إلى مصالح اليمن ومعاناة اليمنيين الذي يتجرعون طوال ما يقرب من عقد من الزمن حسرات ومتاعب هذه الأزمة، وقبل كل ذلك صعوبة التعايش والعيش بأمان تحت ظلام هذا الانقلاب المدبر..!! ويعلم الأقصون والأدنون، فما بالنا بمن يديرون الأزمة، أنه لا مجال إطلاقا لنهاية بوجود هذه العصابة المتمردة والمستأثرة لنفسها بكل شيء حتى أرواح اليمنيين عامة وحقهم في العيش والحصول على وطن ينعم بالأمان والسلام والمساواة.. لقد صادرت هذا الحق بقوة السلاح وفكرة فرض الواقع، وهو مبدأ لا يمكن لسلطة تنشد العدالة والمساواة والقانون أن تتبناه وتجعله عنونا رئيسيا لوجودها..!!

لم يعد هناك من لا يدرك مثل هذه الحقائق التي تجلت أمام العالم أجمع، ولكن.... ألا نرانا نعيش خارج إطار التعامل مع هذه الحقائق وضرورة مواجهتها والتفاعل مع الواقع من منطلقها..؟! نعم بامتهان يؤسف له وبشكل عبثي يتم إقصاؤنا عن الحقائق، وإلهاؤنا بطروحات شبه متفائلة وواعدة، ما إن نكتشف أو ندرك أنها فاشلة، حتى تستبدل بأخرى فيها من الإغراء ما يجعلنا في موقف الغريق الذي لا مشكلة لديه إن تعلق بكل قش الأرض، ما دام احتمال الحد من مآسينا قائما ولو بأكثر الاحتمالات ضآلة وتدنياً.. وبالرغم من كل هذا فلا بد من يوم، ينتهي فيها كل هذا البلاء، وساعة صفر معينة لا تجد فيها العصابة وكل من يقف وراءها بداً من الانهزام للحقيقة والاستسلام للفناء الذي جاءت منه بكل هذا الشر والغباء.. لأن فكرة فرض الواقع ليست مشروعاً ولا تؤسس لمستقبل وإنما فكرة وقتية لحظية مصيرها الهلاك وإن تأخر.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية