آراء

17 يوليو: ميلاد اليمنيين وموت الإمامة

أحمد حوذان

|
10:50 2024/07/18
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

يوم السابع عشر من يوليو هو اليوم الذي غاب تماماً عن أذهان اليمنيين. هذا اليوم أعاد لهم كرامتهم وحريتهم، ويعد الشرارة الأولى والنقلة النوعية لليمن في كل المجالات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ونافذة الحرية والديمقراطية. 

يوم أصبح الشعب يخوض غمار المعركة الديمقراطية بكل حرية بعد أن جثمت على صدورهم العبودية الإمامية لعقود من الزمن، ليأتي هذا اليوم الذي انتهى فيه الاستبداد ورحلت الطقوس والشعارات الإمامية، وحلت الثقافة الوطنية والوعي الجمهوري والأدب والتعليم. 

من خلاله شيدت المدارس والمستشفيات والجامعات وتعددت الثقافات. هذا اليوم أتاح للمرأة اليمنية التعليم واستبدل حياتها من الاحتطاب ونقل المياه إلى التدرج في المراحل التعليمية حتى وصلت للمشاركة في الحكم الديمقراطي ونافست أخاها الرجل في كل المجالات، ولم تُترك لتقبع بين قضبان القمع وجدران الاضطهاد والتغييب، والتمييز العنصري الذي كان حاصلًا في عهد ما قبل السابع عشر من يوليو. كان لهذا اليوم دورٌ بارزٌ في تشكيل كيان المرأة فكريًا وعلميًا وثقافيًا ووظيفيًا.

هذا اليوم نقل الرجل اليمني إلى مراكز متقدمة من البناء والتشييد والتعمير. يوم ولد فيه أبناء اليمن من جديد، وفيه أشرقت أرض السعيدة بنور ربها، ورأت من آياته الكبرى ما يكفي لولادتها من جديد. فيوليو التنوير والتحرير حمل لنا هداياه الحسان من جامعات ومدارس وطرقات وكهرباء، وعرف الناس دولة اسمها اليمن، فقد جاء هذا اليوم وعدد المدارس صفر، والكهرباء لم تُعرف بعد.

في مثل هذا اليوم من عام 1978، كان الأحرار اليمنيون على موعد ميلاد فجرٍ جديد، تساندهم الإرادة الشعبية، فكسروا سور العزلة الإمامية، وقضوا على ظلمات الماضي السحيق، ونقلوا البلاد إلى رحاب المستقبل في واحدة من أروع وأشجع الإسهامات البشرية في سبيل الحرية والانعتاق، وكتبوا بأحرف من نور تاريخ ميلاد فجر يوليو الذي تلاقت فيه أشواق الحرية، راسمين أفضل طريقة لإنهاء سلطة الاغتيالات التي استخدمتها الإمامة للقضاء على الجمهورية ونظامها الذي قدم فيه اليمنيون الآلاف من الشهداء والجرحى، وظلت تكبر منذ عقود طويلة في قلوب الملايين.

هذا اليوم الذي اصطف فيه اليمنيون وتوحدت رؤيتهم وكلمتهم لإنهاء أحلام الإمامة على مدى ثلاثة وثلاثين عامًا، واختاروا للسفينة قائدًا همامًا، كان كل همه بناء اليمن... وفي مذكرته اليومية "اليمن أولًا". كرس جل حياته في سبيل إسعاد اليمنيين رجالًا ونساءً، فتحققت طموحاته في تشييد المدرسة والجامعة والمستشفى وتعبيد الطرقات. خاض غمار المعارك مع أصحاب المصالح الضيقة والمتآمرين ضد مصلحة الشعب، ووقف بقوة لتحقيق أحلام اليمنيين وبالذات المرأة. فنهضت اليمن واستوت على الجودي، وارتفعت الجسور في المدن والمدارس في المحافظات والمديريات والعزل والجامعات، وأعد الجيش وفتحت الكليات والمعاهد، وحقق ما كان مستحيلًا.

فأصبحت اليمن لؤلؤة مضيئة ساحرة بجمالها وبطابعها المعماري ونقوشها الحميرية وتراثها الجميل وآثارها التي تم تجميعها لتكون قبلة للزائرين والعاشقين لليمن وحضارته والتغني بتراثه. وذلك لما شهدته في هذه الحقبة الزمنية من نهضة شاملة كاملة في كل المجالات. تنفس المواطن اليمني الحرية والأمن والأمان والديمقراطية والتعددية الحزبية، وهو ما أنسى أجدادنا معاناة طويلة من البؤس والظلم والعبودية. انتهت كل مخلّفات الإمامة وخزعبلاتها، وحل العلم والقضاء على الأمية فشع النور واعتلى الأئمة منابر الجوامع لتنوير اليمنيين وتثقيفهم. كل هذا كان في عهد القائد الحكيم باني اليمن الزعيم الشهيد علي عبد الله صالح.

لم يهنأ أعداء اليمن بما وصلت إليه أرض السعيدة، واستمروا في زراعة بذور الفتنة داعمين لها على مختلف الأصعدة، لتعود من صعدة شاهرة ومعلنة التمرد على الدولة. وما كان لرجال الدولة، ممثلين بالزعيم، إلا أن يتصدوا ومعهم حماة اليمن السعيد لضرب هذه العصابة المارقة، فتجسدت روح البطولة والشرف في رجال القوات المسلحة الذين قضوا على زعيم الإرهاب، وأعلنوا قتله ووأد الفتنة بمقتل حسين الحوثي.

لم تنتهِ نيران الحرب أو تنطفئ، بل ظلت مستمرة، واختلفت السياسات والرؤى حول هذه العصابة المارقة التي تغذت على التفرقة، وسعت إلى القضاء على اليمن وإنهاء أحلامه وطموحاته وتدمير نهضته، معلنة الحرب والانقلاب. عادت بثوب الإمامة والانتقام من اليمنيين، فقضت على كل جميل، وأنهت الديمقراطية، وعادت بعجلة التاريخ إلى الوراء. قضت على قادة اليمن بعدما زرعت الشقاق والنفاق بينهم، وناحرت بين القبائل والوجهاء وفرقتهم، وزرعت الشقاق مستخدمة كل أساليب المكر والخداع.

استخدموا أساليب أجدادهم في اغتيال أهم الشخصيات السياسية والاجتماعية والتنويرية التي كانت لها الثقل في المجتمع اليمني حتى أزاحوا كل عائق أمام مشروعهم الإرهابي. وبقوا يضربون بلا رحمة، قتلوا النساء والأطفال، أحرقوا المساجد، وفجروا منازل خصومهم السياسيين، وقادوا حرباً شعواء ما زالت مستمرة. إلا أن حكمة اليمنيين بدأت تتدارك خطر هذا المشروع البغيض.

وها هم أبناء اليمن من الساحل الغربي إلى تعز وصولاً إلى مأرب يقفون اليوم أمام هذا المشروع، مقدمين قوافل الشهداء والجرحى، محافظين على الجمهورية ونظامها. يعدون العدة ويبنون الرجال لاستعادة الدولة وعاصمتها صنعاء في ظل القيادة الحكيمة المتمثلة في الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي وأعضائه.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية