إذا كان هناك ما يجب تكراره وعدم الخروج من نطاقه، فهو أن جماعة الحوثي الإرهابية تحظى بحماية خارجية هي ما مكنها من أن تنشأ وتقوى وتفرض نفسها وحضورها في الساحة اليمنية والعربية أيضاً.. فلقد مُنحت هذه المليشيا ولا تزال تُمنح، منذ بداية انقلابها، كل الفرص المتاحة وحتى غير المتاحة، لتقوية نفسها وتواجدها على أرض اليمن، وتحديداً الأراضي التي فرضت نفوذها، أو بالأصح التي (أتيح لها) أن تفرض نفوذها عليها.
ومذاك وحتى اللحظة تمكنت الجماعة الإرهابية المنقلبة من إحكام قبضتها على المناطق التي (أُريد لها) أن تحكم قبضتها عليها، ليس عسكرياً وحسب وإنما على مختلف المستويات، دون أية مقاومة أو عراقيل تكاد تذكر، لا من قبل الشرعية ومن يقف وراءها وحسب، وإنما أيضاً من قبل المواطنين، الذين تم شغلهم بشكل قصدي، بأسباب الحياة التي انعدمت بشكل تدريجي، وتحت مبرر واهٍ، اسمه العدوان الخارجي..!!
تحت هذا المسمى الشاغل بإلحاح، والذي اتخذ مبرراً رئيسياً، استطاعت المليشيا الإرهابية أن تتقي أي ردة فعل أو ثورة داخلية تزيحها من الساحة الحالية، وتعيدها من حيث أتت، بل على العكس حولتها الحرب، التي شنت عليها بتدخل خارجي، في عيون معظم العامة، من جماعة إرهابية انقلابية إلى قوة حامية للوطن والشعب ضد التدخل الخارجي الذي بدأ (وبشكل متعمد واضح) في استهداف المقدرات والمنشآت الحيوية للدولة وللوطن عموماً، وتدمير بنى تحتية أساسية قضى الوطن ما يقرب من ستين عاماً في بنائها من أجل خدمة عامة أبناء الشعب، دون أن تمس الجماعة وقياداتها بأي أذى أو سوء قد يعجل من هزيمتها ونهايتها..!!
لقد كانت أولى المهام الواقعية، التي نفذها التحالف بشكل مباشر وغير مباشر، أن حول هذه الجماعة، وفي وقت قياسي، من مليشيا مارقة ومنقلبة في عيون أبناء الشعب، إلى قوة شبه وطنية، مشروعها الظاهر الدفاع عن الشعب وحقوقه في الحياة والوطن ومقدراته، بينما تكمن تحت طاولة الواقع مخططات وتحركات لخدمة مشاريع أخرى، منها ما هو متعلق بنفوذ الجماعة، التي يعرف الخاصة والعامة أنها تقوم على أساس عنصري تخريبي ومعطيات اتكالية فردانية، ومنها ما يقوم على أساس قضايا فكرية انقسامية وهدامة، من أجل خدمة مصالح إقليمية وأطماع دولية قبيحة.. مصالح وأطماع ليست على مستوى اليمن أو اليمن وجوارها فقط، وإنما على مستوى المنطقة والعالم استراتيجياً..!!
وقد كان ولا يزال الثابت في المنطق والمشعل للإثارة ولفت الانتباه، هو ظهور علامات واضحة لذلك التواطؤ، منذ بداية هذه اللعبة التأمرية، التي سقط اليمن واليمنيون ضحية لها، ولكن كان المتآمرون الدوليون أكثر ذكاء وحرصاً، وكان مخطط الإطاحة باليمن أكثر اتقاناً مما يتصور، وأكثر حيطة في التعامل مع مختلف الاحتمالات، التي قد تولِّد الشكوك وتستقرب الوضوح والتأكد مما نتعرض له من مؤامرة، ففرض في يقين المتلقي فكرة العدوان الخارجي، الذي كان مبرره المباشر والمعلن هو ادعاء استهداف الجماعة الانقلابية، بينما تكشف التفاصيل والمخرجات والنتائج العكس من ذلك، أي تمكين وتقوية هذه الجماعة الإرهابية، ضمن مشروع دولي كبير استهدف ويستهدف أنظمة وشعوب المنطقة..!!