بطبيعة حالها وحال كل مليشيا إرهابية، تعيش جماعة الحوثيين هذه الأيام حالة من الارتباك والقلق، بعد خفوت مسار ومواجهات القضية الفلسطينية، التي ظلت لأكثر من عام تزايد باسمها وتحت شعاراتها، بدون طائل يرجى غير الاستعانة بها كعامل إلهاء، تتهرب خلاله من تحريك الملف اليمني ومواجهة المسئوليات التي تلزمها تجاه اليمنيين في الداخل والمجتمع الدولي في الخارج، لأنها بطبيعة الحال ترغب في استمرار الوضع اليمني كما هو، باعتبار أنه يخدمها، ويصب في صالحها هي وحسب، خصوصاً وهي تمارس سلطتها اانقلابية التي تعود عليها بالمكنة والمال والتسلط على اليمنيين الذين في مناطق نفوذها..
وقد عودتنا الجماعة المنقلبة، وتحديداً منذ توقف المواجهات بينها وبين قوى الشرعية، منذ ثلاث سنوات تقريبا، وهو توقف مريب ومشكوك فيه وفي من يقف وراءه، على اختلاق الأحداث والأسباب الإلهائية التي تستخدمها كسقف يظل سلوكها الإرهابي وفسادها ومحاولاتها إفساد المجتمع وإغوائه، إلى جاتب إفسادها لمعنى السلطة والحكم، ومحاولاتها فرض سلطتها المطلقة كواقع لا فرار منه، وإعلاء صوتها المطلق وخنق وخرس أي واقع أو صوت، بإمكانه تشارك الواقع معها، فما بالنا باستعادته من أيديها الملوثة بدماء وأموال اليمنيين..؟!
ونظراً لضبابية الواقع الآن من حولنا في المنطقة العربية عموما، وخصوصاً بعد تولي الرئيس الأمريكي ترامب زمام السلطة في الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي قلب أحوال وحسابات المنطقة رأساً على عقب، فإن الجماعة الإرهابية قد بدأت تتحسس عنقها، باعتبار أن ترامب، بغض النظر عن موقفه غير المقبول من القضية الفلسطينية، يقف على خلاف الرئيس السابق بايدن، في أنه يرى أن مراعاة المصالح الأمريكية في المنطقة يجب ألا تتفق مع التغاضي عن الجماعات الإرهابية والانقلابية، بل لا يقبل بوجودها ولا يسمح بتحركاتها.. وكان آخر عهد الحوثيين به تصنيفهم كإرهابيين في أواخر فترة حكمه السابقة.. وها هو مجدداً يعيد تصنيفهم مع بداية عودته للبيت الأبيض.. بعد أن كان بايدن قد ألغى ذلك القرار وهو ما يثبت تساهل إدارته إن لم يكن تمالؤها مع الحوثيين..!!
وهذا بطبيعة الحال أمر باعث للقلق في أشد مستوياته لدى مليشيا الحوثي الانقلابية، والتي بات من الواجب عليها أن تنتقل من عمليات الإلهاء الخارجية، التي كانت إدارة بايدين أكثر المتغاضين عنها والداعمين لها وإن بالخفاء، إلى عمليات إلهاء محدودة ومنكفئة على الداخل، عملا بمبدأ السلامة، وتحاشي المواجهة مع الإدارة الأمريكية الترامبية، والتي قد تدفع نحو إعادة فتح الملف اليمني، وتحول الدعم الأمريكي باتجاه الشرعية، وربما المشاركة معها في استهداف المليشيا وإقصائها، إن لم يكن إزالتها من المشهد القائم حاليا سواء في اليمن أو في المنطقة العربية، بعد أن كانت الجماعة قد بدات تعلن عن حضورها تحت جناح ورعاية الإدارة الأمريكية البايدنية..
ومن هذا المنطلق وبناء على الموقف العام، الذي قد يتحول بفعل إرادة وإدارة ترامب، تفضل المليشيا الإرهابية بالاتجاه بأنشطتها الإرهابية/الإلهائية باتجاه الداخل، وقد باشرت مؤخراً في ذلك، بتحركات وحشود عسكرية باتجاه مدينة مارب، مشفعة تلك التحركات بحملات إعلامية مكثفة وضخمة تروج وإن كذبا وتهديدا، لمواجهتها مع الشرعية، وبعد أن كانت قبل أشهر تدعي كذبا وإلهاء أيضاً، بأنها ستنهي الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، هاهي اليوم تتراجع عن ذلك وتبتكر لها مشروعا إلهائيا جديدا يتحدد في إنهاء احتلال مارب من قبل أهلها ومن قبل أبناء اليمن، الذين اضطروا للهروب إليها والعيش فيها بعد الانقلاب المسلح الذي نفذته هذه الجماعة الإرهابية..!!