في قلب مدينة الغيظة بمحافظة المهرة، يقف مسجد الحسني شامخًا منذ أكثر من ألف عام، شاهدًا على تاريخ طويل من العبادة والعلم والثقافة الإسلامية، يُعتبر هذا المسجد من أقدم المعالم الدينية في المنطقة، حيث يعود تاريخه إلى العصور الإسلامية الأولى، وكان على مر العصور مركزًا دينيًا وتعليميًا، يجتمع فيه العلماء وطلاب العلم من مختلف أنحاء المهرة وما حولها.
تاريخ حافل وأهمية دينية وثقافية
يُعتقد أن المسجد بني خلال القرون الأولى من دخول الإسلام إلى جنوب الجزيرة العربية، وظل شاهدًا على التحولات التاريخية التي مرت بها المنطقة. ويمتاز بطرازه المعماري الفريد، الذي يجمع بين البساطة والجمال، وتزيّنه نقوش وزخارف إسلامية تعكس تراث المنطقة العريق.
كوارث طبيعية تزيد من حجم التهديد
على الرغم من قيمته التاريخية والدينية، يعاني مسجد الحسني اليوم من الإهمال والتدهور، خاصة بعد تعرضه لعدة كوارث طبيعية، من فيضانات وأمطار غزيرة وزلازل خفيفة أثرت على بنيانه. وتظهر التشققات في جدرانه وأعمدته، بينما تضرر سقفه بشدة، ما يجعله غير آمن للمصلين.
يقول أحد الأهالي: "هذا المسجد ليس مجرد مكان للصلاة، بل هو جزء من تاريخنا وهويتنا. لكننا نراه ينهار أمام أعيننا دون أي تدخل رسمي لإنقاذه."
غياب التدخل الرسمي ومحاولات أهلية للإنقاذ
رغم النداءات المتكررة من أهالي الغيظة والناشطين في مجال التراث، لم يحظَ المسجد بأي ترميم أو دعم من الجهات الرسمية. وبسبب غياب الميزانية المخصصة لصيانة المواقع التاريخية، يعتمد الأهالي على جهودهم الذاتية للحفاظ على المسجد من الانهيار، عبر حملات تطوعية تهدف إلى ترميم أجزاء منه وتأمينه من المزيد من الأضرار.
يضيف أحد القائمين على مبادرات الترميم: "نحاول بما نملك الحفاظ على المسجد، لكن إمكانياتنا محدودة. نحتاج إلى دعم حكومي أو منظمات معنية بالتراث الإسلامي لإنقاذ هذا المعلم قبل فوات الأوان."
دعوات لإنقاذ المسجد قبل انهياره بالكامل
مع استمرار التدهور، يطالب أبناء المهرة الجهات المختصة، وعلى رأسها وزارة الأوقاف والجهات المسؤولة عن التراث، بالتدخل العاجل لترميم المسجد والحفاظ عليه من الاندثار، كما يناشدون المنظمات المهتمة بالحفاظ على التراث الإسلامي تقديم الدعم لإنقاذ هذا الصرح التاريخي، قبل أن يصبح مجرد ذكرى في كتب التاريخ.
يبقى مسجد الحسني شاهدًا على قرون من الحضارة الإسلامية في المهرة، لكن مستقبله يظل مجهولًا ما لم تتضافر الجهود لإنقاذه. فهل يصل صوته إلى من يملك القدرة على إنقاذه، أم سيبقى مجرد أطلال تروي قصة زمنٍ مضى؟