تقرير: منير العمري
تشهد مليشيا الحوثي حالة من الارتباك والتكتم غير المسبوقين، في أعقاب مقتل عدد من قيادات الصف الأول، من بينهم عبد الخالق الحوثي، شقيق زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، ما أثار تكهنات واسعة حول مصير الأخير في ظل غيابه اللافت عن المشهد.
وأكدت مصادر ميدانية وإعلامية متطابقة مقتل عدد من القيادات الحوثية البارزة خلال ضربات دقيقة استهدفت مواقع للمليشيا خلال الأسابيع الماضية، في حين تواصل سلطات الحوثيين فرض تعتيم إعلامي شامل على هذه التطورات، تزامنًا مع تنفيذ حملات اعتقال طالت العشرات من المواطنين في صنعاء ومناطق أخرى لمجرد تداولهم تساؤلات حول مصير هذه القيادات.
ويحيط الغموض بمصير عبد الملك الحوثي نفسه، إذ لم يصدر عنه أي تسجيل مرئي أو بيان صوتي منذ أسابيع، رغم أهمية الحدث وحجم الخسائر التي طالت المليشيا، ما دفع مراقبين إلى طرح عدة سيناريوهات، أبرزها، إصابة أو مقتل عبد الملك الحوثي في هجوم لم يتم الإعلان عنه رسميًا بعد، ما قد يفسر التكتم الشديد وحالة الارتباك في صفوف الجماعة.
ومن بين أبرز السيناريوهات تخفيه عن الأنظار لأسباب أمنية خشية الاستهداف، وهو ما يعكس هشاشة الجماعة وارتباطها الشديد بالقيادة الفردية، إضافة إلى محاولة المليشيا إعادة ترتيب صفوفها وتقديم قيادات بديلة، إلا أن هذا الاحتمال يبدو ضعيفًا نظرًا لعمق الضربات وتفكك البنية القيادية للجماعة.
في ظل هذه التطورات، يرى مراقبون أن القوى الوطنية أمام فرصة استراتيجية لاستعادة زمام المبادرة وشن عملية تحرير شاملة، خاصة في ظل تراجع المعنويات داخل المليشيا وازدياد السخط الشعبي ضد ممارساتها القمعية والجبايات المستمرة.
ويحذر البعض من أن التباطؤ في استثمار هذا الوضع قد يفتح الباب أمام تدخلات خارجية، خصوصًا مع تنامي الحديث عن إمكانية تدخل بري دولي تحت ذرائع متعددة، من بينها حماية الممرات الملاحية أو تأمين المدنيين، وهو ما قد يؤدي إلى تعقيد المشهد اليمني أكثر فأكثر.
وتشير تحليلات سياسية إلى أن الإرادة اليمنية، إذا ما التقت بالدعم العربي والإقليمي، فإنها قادرة على إحداث تحول جذري في مسار الصراع، ووضع حد لمشروع المليشيا الحوثية المدعوم من إيران، قبل أن يتجذر أكثر ويتحول إلى أزمة دائمة تستنزف اليمن والمنطقة.
وفي ظل المعطيات الراهنة، تبدو لحظة الحسم أقرب من أي وقت مضى، إلا أن نجاحها مشروط بتوحيد الجهود الوطنية واستثمار الزخم الحالي على المستويين الميداني والسياسي، بما يضمن استعادة الدولة وإنهاء معاناة ملايين اليمنيين الذين دفعوا ثمن الحرب والانقسام.