محلي

17 يوليو.. مسار السياسة المتوازنة وترويض التحديات الخارجية

اليمن اليوم:

|
قبل 13 ساعة و 59 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

يُجسّد السابع عشر من يوليو لحظة مفصلية في تاريخ اليمن السياسي، انطلقت منها مسيرة وطنية طويلة من البناء السياسي وترويض التحديات الداخلية والخارجية، شكّلت خلالها السياسة الخارجية اليمنية نموذجًا للاتزان والحياد الإيجابي، في منطقة تتقاذفها الأزمات والتجاذبات الدولية.

ففي أواخر سبعينيات القرن الماضي، كانت المنطقة والعالم يعيشان ذروة الحرب الباردة والاستقطاب الثنائي بين المعسكرين الشرقي والغربي، في ظل صراع ثقافي وأيديولوجي حاد بين الرأسمالية الليبرالية والاشتراكية الشيوعية. وفي هذا السياق، كانت مواقف الدول محسوبة بدقة، والانحياز لأحد المحاور غالبًا ما يُقابل بعداء المحور الآخر، وهو ما عانت منه اليمن التي اتسمت سياستها الخارجية حينها بالتخبط ودفع أثمان باهظة نتيجة لذلك.

لكن هذا المشهد بدأ يتغير تدريجيًا منذ العام 1978، حين تولّى الرئيس علي عبدالله صالح قيادة الدولة، ليُحدث تحولًا لافتًا في نهج السياسة الخارجية اليمنية، قائمًا على الحياد الإيجابي والانفتاح المتوازن مع مختلف القوى الدولية، باستثناء الكيان الصهيوني.

استندت هذه السياسة على عدم الانحياز، وتعزيز حضور اليمن في إطار حركة دول عدم الانحياز، مع حرص دائم على الحلول الدبلوماسية وفض النزاعات بالحوار، ما أسهم في تعزيز أمن واستقرار اليمن، وتوطيد علاقاته مع دول الجوار والمجتمع الدولي.

وقد أثمرت هذه السياسة عن تحقيق مكاسب استراتيجية على الأرض، من أبرزها استقطاب دعم تنموي واسع من الدول الشقيقة والصديقة، أسهم في إنعاش الاقتصاد وتحقيق مشاريع كبرى، مثل إعادة بناء سد مأرب، واستكشاف الثروات النفطية، وتوفير بيئة جاذبة للاستثمار، وصولًا إلى تحقيق الوحدة اليمنية المباركة في العام 1990، كأهم منجز في التاريخ الحديث للبلاد.

وفي الوقت ذاته، حافظ اليمن على ثوابته القومية، حيث ظل الرئيس صالح من أبرز الداعمين للقضية الفلسطينية، من خلال الدعم السياسي والمادي والعسكري، إضافة إلى استضافة الفصائل ومحاولة رأب الصدع بينها، والدعوة الدائمة لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

كما دعم نضال الشعبين السوري واللبناني في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وساند جهود ترتيب البيت العربي من خلال مبادرات لتفعيل دور الجامعة العربية، بما في ذلك اقتراح تعديل ميثاقها، وعقد القمم بشكل سنوي، وتوسيع دورها في قضايا المنطقة.

وعلى مستوى القارة الأفريقية، قدم اليمن دعمًا واسعًا للشعب الصومالي، وفتح أبوابه أمام مئات الآلاف من اللاجئين، كما لعب دورًا دبلوماسيًا بارزًا في حل النزاعات الحدودية، مثل ترسيم الحدود مع السعودية وسلطنة عمان، واستعادة جزر حنيش من إريتريا عبر التحكيم الدولي.

لقد مثلت مرحلة ما بعد 17 يوليو 1978 علامة فارقة في التاريخ السياسي اليمني، حيث تحوّلت السياسة الخارجية من الهامش إلى الفعل، ومن التبعية إلى الشراكة، ومن التخبط إلى التوازن، ما عزز مكانة اليمن إقليميًا ودوليًا، وجعلها ضمن الدول الصاعدة المرشحة لاحتضان فعاليات اقتصادية وسياحية كبرى، وبوابة استثمارية واعدة في المنطقة.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية