أعلنت منظمة أطباء بلا حدود مغادرة "مستشفى الأم والطفل" في محافظة تعز التي أنهت أنشطتها فيها، في ظل مشهد إنساني مليء بالتحديات، بسبب التخفيضات الأخيرة في المساعدات العالمية، وتعليق إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتمويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والتوترات الإقليمية، حيث زادت هذه العوامل من الضغط على النظام الصحي في اليمن.
وسلمت المنظمة رسميًا "مستشفى الأم والطفل" في الحوبان إلى وزارة الصحة العامة والسكان التي يديرها الحوثيون، بعد عشر سنوات من الخدمة، مؤكدة أنه رغم ذلك فإنها لن تغادر اليمن أو شعبه، إذ لا تزال فرقها موجودة في البلاد، وتقدم خدمات الرعاية الصحية في عشر محافظات من أصل 22 محافظة.
ومنذ عام 2015، تدير منظمة أطباء بلا حدود المستشفى، وهو أحد المرافق القليلة التي توفر رعاية صحية مجانية وعالية الجودة في منطقة تأثرت بشدة بأكثر من عقد من الصراع.
وعندما بدأت منظمة أطباء بلا حدود مشروعها في منطقة الحوبان بتعز، تم تحديد المنطقة كواحدة من أكثر المناطق حرمانًا من الخدمات في محافظة تعز.
ومع تعداد سكاني يبلغ حوالي 940 ألف نسمة في مدينة تعز والمناطق المحيطة بها، كان المرضى يقطعون مسافات طويلة للوصول إلى المستشفى. وكان المستشفى بالنسبة للكثيرين هو المكان الوحيد الذي يمكنهم من خلاله الحصول على الرعاية الصحية.
وتعمل أطباء بلا حدود في اليمن منذ عام 1986، وحافظت على تواجدها المستمر في البلاد منذ عام 2007.
وأدت سنوات الصراع إلى تدمير البنية التحتية العامة في اليمن، في حين يفتقر ملايين الأشخاص إلى إمكانية الوصول إلى المياه النظيفة والغذاء والرعاية الطبية.
وقالت المديرة القطرية للمنظمة في اليمن، تيلا محمد، في بيان صحفي إن المنظمة تغادر المستشفى الذي يضم 168 سريرًا بطاقم طبي مؤهل ومعدات عالية الجودة.
وأكدت منظمة أطباء بلا حدود- التي يأتي أكثر من 95% من تمويلها من جهات مانحة خاصة- أنها التزمت بدعم السلطات بحوافز لموظفي المستشفى، والأدوية، وغيرها من السلع والإمدادات اللازمة لاستمرار عمل مستشفى تعز الحوبان خلال الأشهر الستة المقبلة. وهذا من شأنه ضمان استمرارية الرعاية الصحية للمجتمع المحلي.
وأصدر الكونغرس الأمريكي قرارًا بتقليص حوالي 8 مليارات دولار من التمويل المعتمد سابقًا للمساعدات الخارجية ما سيفاقم الوضع المتردي أصلًا للأشخاص العالقين في النزاعات والأزمات حول العالم.
وجاء القرار عقب إجراءات الرئيس ترامب في وقت سابق من هذا العام، والتي استهدفت خفض برامج الصحة والمساعدات الإنسانية العالمية التي تدعمها الولايات المتحدة حول العالم.
وقال مشرف التوعية الصحية في منظمة أطباء بلا حدود، أبرار محمد: "المستشفى هو المرفق الوحيد الذي يقدّم خدمات مجانية لرعاية صحة الأم والطفل. مع ذلك، يخيّم الإحباط أحيانًا على المجتمع، إذ لا يغطّي المستشفى جميع الاحتياجات الصحية. في المستشفيات الخاصة في تعز الحوبان، قد تصل تكلفة عملية الولادة القيصرية البسيطة إلى ألف دولار، وهو ما يعادل عشرة أضعاف متوسط الراتب الشهري، إذا كان لديك وظيفة".