آراء

لا وطن ولا مستقبل دون مشروع وطني جاد

وسام عبدالقوي الدبعي

|
قبل 22 ساعة و 4 دقيقة
A-
A+
facebook
facebook
facebook
A+
A-
facebook
facebook
facebook

يعتقد الكثيرون وربما الغالبية العظمى من اليمنيين، أن الخمول أو الهدوء الحاصل في الأزمة اليمنية في الوقت الراهن، هو استسلام للأمر الواقع، وثبات للحال كما هو، بحيث أن الأزمة ستتلاشى من تلقاء نفسها، مما قد يفضي باتفاق أو بدون اتفاق بأن يكتفي كل طرف بما لديه من سلطة، ويستمر في إدارتها إلى مالا نهاية..!! ومؤدى ذلك الحكم هو إطالة مدى وأمد الأزمة دون متغيرات أو تحولات فعلية وحقيقية على أرض الواقع، يمكن من خلالها الحكم أو الإيمان بغلبة طرف دون الآخر، أيا كان اتجاه تلك الغلبة، وأياً كان موقعها من الحق والباطل.. وهذا الوضع جد بائس، وأكثر خطورة من حال الحرب، فالحرب عادة تؤدي إلى انتصار وحسم، بينما الوقوف بين الحرب واللاحرب يؤدي إلى تثاؤب قميء يضر بمصالح الوطن والمواطنين.. 

كما يشي واقع الحال الراهن الآن بأن تلك الغالبية من المواطنين تعتقد أيضاً أن طرفي الأزمة (الشرعية/الانقلاب) من منظوريهما في موقع لا بأس به من الرضا والقبول بما في يده، وأن بإمكانه التكيف مع هذا الوضع إلى أجل غير مسمى.. حتى وإن كان حال البلاد ضبابياً وغير مدرك..!! فمن ما يبدو أن الشعور باليأس من وجود حل جذري للأزمة لم يعد مقتصراً بالشعب أو بالمواطنين تحديداً، وإنما وصل إلى ثنايا الأطراف المتنازعة والنخب المؤثرة في مجريات الأزمة، مما جعل الجميع منعدم الحيلة ومعلقاً من قذاله يتأرجح مشنوقاً بأسوأ الاحتمالات.. ويمكننا تشبيه وضع الأطراف الفاعلة اليوم بوضع خصوم متواجدين في غرفة واحدة وكل منهم مقيد إلى جدار ينظر إلى الآخر دون قدرة على التحرك من مكانه..!! 

فقط هناك طرف واحد ووحيد هو من يستفيد من هذا الوضع، وهو من قاد الجميع للوصول إلى هذا الحال.. استطاع أن يستدرج كل طرف من الأطراف إلى جدار، ووقف كسراب غير مرئي في منتصف الغرفة، يتلفت مراقباً مواقف ومخاوف كل طرف بكل طمأنينة، ولا ينسى أن يظهر بين فينة وأخرى لطرف دون الآخر، ليطمئنه بأن كل شيء على ما يرام، ويعده بأن نهاية المطاف ستكون له، وأنه المؤهل والمرشح لاستلام زمام الأمور.. وهذا بطبيعة الحال هو ما أوصل أوضاع البلاد والعباد إلى ما وصلت إليه الآن، من ترقُّب ورصد، طال حتى الأطراف التي يُعتقد وتعتقد هي نفسها أن لها يداً مؤثرة في تحديد مصير اليمن..!! 

لقد بات علينا لزاماً الاعتراف بأن مصير البلد اليوم، لم يعد بيد أحد من اليمنيين، وأن جميع القوى الظاهرة والمتواجدة دون استثناء، لم تعد تمتلك حتى من أمر نفسها شيئاً يمكن التعويل عليه.. وأنها تحولت إلى مجرد وسائل وأيدٍ عاملة، تنفذ ما يملى عليها.. أطراف لم يعد فيها للأسف الشديد من يمتلك مشروعاً وطنياً جاداً يمكن الالتفاف حوله، والبناء عليه من أجل مستقبل من أي نوع، أو غد قريب يمكنه أن ينتشل الوطن من المنزلق السيء الذي وقع فيه.. ولا بد من التأكيد على أن انعدام المشروع الوطني الجاد سيكلفنا المزيد من الخسائر الفادحة، وفي مقدمتها وأبهظها ثمناً بقاء الحال على ماهو عليه الآن.

جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية
جميع الحقوق محفوظة © قناة اليمن اليوم الفضائية